ركزت وسائل إعلام أمريكيّة على الإجراءات القانونية المحتملة، للتحقيق ومحاكمة شركة أمريكية استأجرتها الإمارات لتنفيذ برنامج اغتيالات يستهدف سياسيين وأئمة مساجد في اليمن.
وكشفت صحيفة BuzzFeed، في وقت سابق، أن شركة Spear Operations، قامت بتنظيم فرقة خاصة تمولها الإمارات العربية المتحدة في اليمن. واعترف مؤسس الشركة الإسرائيلي أبراهام جولان، والجندي السابق في سلاح البحرية الأمريكية، أسحاق جليمور، بالقيام بالاغتيالات في اليمن. ويبدو أن الشركة استأجرت العديد من المحاربين القدامى للولايات المتحدة وأفراد الاحتياط، بما في ذلك واحد تقاعد من فريق سيل 6 المعروف جيداً (المسؤول عن قتل أسامة بن لادن).
وقالت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، إن “كل شيء نفهمه عن صناعة الأمن الخاص يخبرنا أن هذا الإجراء من المحتمل أن يكون له تداعيات خطيرة”.
واضافت: “أولا، هذا ليس طبيعيا. لم تكن الولايات المتحدة معتادة على تصدير خدمات الاغتيال؛ ولتصدير الخدمات العسكرية بشكل قانوني، يتعين على الشركة الحصول على ترخيص من مكتب مراقبة العقود الأجنبية التابع لوزارة الخارجية يخضع للوائح الدولية الخاصة بنقل الأسلحة. وتفيد BuzzFeed أن المكتب نفي إصدار مثل هذا الترخيص، وهذا ليس مفاجئًا. على الرغم من أن هذا المكتب تعرض لانتقادات من أجل ترخيص الشركات العسكرية والأمنية الخاصة (PMSCs) لتدريب أو دعم الحكومات المثيرة للمشاكل مثل غينيا الاستوائية، فإن الموافقة على خدمات الاغتيال ستكون خروجًا دراماتيكيًا عن المألوف.
المخابرات الأمريكية
وتعتقد الصحيفة أن وكالة المخابرات الأمريكية كانت على علّم بتحرك فرقة الاغتيال نحو الإمارات “إذ كيف استأجر 30 شخصاً وجندياً سابقاً طائرة خاصة من مطار نيوجرسي دون أخذ إذن مناسب”.
وتلفت إلى تحليل أخر في موقع “جاست سكورتي” وكتب التحليل ريان غودمان أستاذ القانون في جماعة نيويورك، وسارة كونيكي المحامية الدولية في مجال حقوق الانسان.
ويشير تحليل “غودمان وكونيكي” إلى أن لدى وزارة العدل الأمريكية سلطة واضحة للتحقيق مع شركة أمريكية وفرقة من المرتزقة الأمريكيين لارتكابهم جرائم قتل مزعومة في اليمن، وهي أعمال قد ترقى إلى القتل وجرائم الحرب.
ويقول التحليل إن “ادعاءات القتل التي ارتكبها الشركة وجنودها الأمريكيون السابقون، ظهرت في تحقيق استقصائي أجرته Buzzfeed. ويبدو أن هذه الأنشطة تشمل محاولة كاملة لقتل مدنيين في اليمن بناء على طلب من الإمارات العربية المتحدة”.
وحسب غودمان وكونكي فإن القانون الأمريكي والدولي إن كان غامضاً بشأن السماح للمرتزقة بالقتل خارج البلاد إلا أن القضية تتجاوز تعريف ما إذا كان القانون الأمريكي أو الدولي يحظر “المرتزقة” وما هو التعريف القانوني للمرتزق. ولفتوا إلى أن مسألة ما إذا كان هؤلاء الرجال متعاقدين أو مرتزقة أو أعضاء في القوات المسلحة لدولة الإمارات العربية المتحدة أو أي شيء آخر لا علاقة له بمسؤوليتهم الجنائية المحتملة بموجب قانون الولايات المتحدة عن جرائم القتل وجرائم الحرب.
ولفتوا إلى أن تفاصيل القضية ينطبق عليها قانونان جنائيان فدراليان أمريكيان هما: قانون جرائم الحرب ( 18 USC 2441 ) وقانون التآمر على القتل أو الخطف في دولة أجنبية ( 18 USC 956 ).
القوانين الأمريكية
وبموجب قانون جرائم الحرب، تعتبر جريمة إذا ارتكب مواطن أمريكي انتهاكات معينة للقانون الإنساني الدولي، بما في ذلك القتل. تعريف “القتل” بموجب هذا القانون واضح تماماً حيث يشمل: “فعل شخص بقتل أو يتآمر أو يحاول القتل عمدا أو يَقتل سواء عن قصد أو عن غير قصد في سياق ارتكاب أي جريمة كانت بشخص واحد أو أكثر لا يشارك بنشاط في الأعمال العدائية، بما في ذلك تلك الحالات لمؤدية للوفاة بسبب المرض أو الجروح أو الاحتجاز أو أي سبب آخر”.
يتضمن قانون جرائم الحرب شرطا واحدا يستثني من تعريف “القتل”، حالات “الأضرار الجانبية” و “الموت … في حادثة هجوم قانوني”. لكن الحقائق الأساسية في قضية المرتزقة الأمريكيين، تنطوي على القتل العمد لمدنيين مثل القادة السياسيين ورجال الدين. هذه الأهداف ليست “أضراراً جانبية” ولا تعتبر وفياتهم “حادثة لهجوم قانوني”.
كما أن القانون الثاني، الذي يجعل من التآمر لقتل شخص في بلد أجنبي جريمة، واضح أيضا. فالقيود الأكثر ملاءمة هي أن المؤامرة يجب أن تتم “في نطاق اختصاص الولايات المتحدة”، تأسست الشركة المرتزقة في ولاية ديلاوير وأسسها أبراهام غولا ن، الذي يعيش خارج بيتسبرغ. وفقا لتقرير Buzzfeed، هو وزميله الذي ينتمي لقوّة بحرية أمريكية سابقة اسمه إسحاق جيلمور، وشرع الرجلان في التجنيد بين قدامى المحاربين الأمريكيين الخاصين.
التجنيد
يذكر التحقيق أن جولان وجيلمور نجحا في تجنيد أكثر من عشرة رجال، تجمعوا في فندق بالقرب من مطار تيتربورو في نيوجيرسي، وهم يرتدون مجموعة متنوعة من الزي العسكري لهذه المناسبة، قبل التوجه إلى الإمارات العربية المتحدة. باختصار، وقعت مؤامراتهم داخل الولاية القضائية للولايات المتحدة.
ويبدو أن المرتزقة كانوا يعرفون في بعض الحالات أن القوائم المستهدفة تضم زعماء سياسيين ورجال دين. وحسب التحقيق فإن جيلمور قال “إن البعض كانوا أعضاء في الإصلاح، وبعضهم رجال دين، وبعضهم كان إرهابيين خارجيين، لكنه أقر بأنه لا يمكن أن يكون متأكداً”، كما “اعترف بأن بعض الأهداف قد تكون أشخاصًا فقط لم يكونوا محبوبين من العائلة الحاكمة في أبوظبي”.
سؤال واحد عن قانون المؤامرة الجنائية هو ما إذا كان الرجال يعرفون في وقت مبكر قبل مغادرة الولايات المتحدة أن البعثة شملت هذه الأفعال غير المشروعة. وقد اجتمع جولان وجيلمور مع جهات الاتصال الإماراتية للتوصل إلى اتفاق. أما بالنسبة للآخرين في الولايات المتحدة، فإن أحد مؤشرات معرفتهم هو أنه بعد إخبار المجندين المحتملين بما تستلزمه هذه الوظيفة، “تراجع بعض من أفضل الجنود”. والأكثر من ذلك، استمر جولان وجيلمور في تجنيد أمريكيين بعد أن بدأ الاثنان بالفعل تنفيذ هذه العمليات في اليمن.
واختتم الكاتبان التحليل بالقول إن “قضية المرتزقة الأمريكيين مناسبة تماما لقسم حقوق الإنسان والملاحقات الخاصة (HRSP) في شعبة الجرائم الجنائية في وزارة العدل الأمريكية، برئاسة تيريزا ماكهنري، وماثيو ستيغليتز الذي يشغل منصب نائب الرئيس الرئيسي. يبدو أن مؤامرة جولان جليمور لارتكاب القتل وقعت في ولايات مختلفة (على سبيل المثال، نيو جيرسي، بنسلفانيا) والتي قد يكون لها أيضا اختصاص بموجب القانون الجنائي للدولة”.