“المستقبل” ـ (تعليق سياسي)
فيما يشبه فصول مسرحية تنقصها المفاجأة بدأت مفاوضات جنيف 2 وانتهت فصلا ثانيا لفصل أول في مسرحية الفضيحة التي كان مسرحها الرياض بإعلان ولي ولي العهد وزير الدفاع السعودي محمد بن سلمان تشكيل تحالف عسكري إسلامي لمواجهة الإرهاب”.
مساء اليوم أعلن مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن اسماعيل ولد الشيخ انتهاء اعمال الجولة الأولى من مفاوضات جنيف محددا جولة ثانية تبدأ في الـ 14 من يناير المقبل من دون التوصل إلى نتائج في مشروع الحل السياسي المترنح في دهاليز اللاعبين الكبار.
من الزاوية الحرجة أطل ولد الشيخ في مؤتمره الصحافي ليفصح عن استحالة المضي بمفاوضات الحل السياسي في ظل استمرار عدوان عسكري وحشي يشنه تحالف الحرب بقيادة السعودية، وأعلن بعد خمسة أيام من انتهاك اعلانه وقف النار” تمسك الأمم المتحدة بطلبها رفع كافة أشكال الحصار البري والبحري والجوي على اليمن”
لم يخف ولد الشيخ تفاؤله مما سماه ” تقدما ملحوظا لكنه ليس كافيا ” في مفاوضات الأيام الماضية والتي هلل بانجازها “اتفاق على إنشاء لجنة الاتصال والتهدئة التي تتألف من مستشارين عسكريين من كلا الجانبين وتشرف عليها الامم المتحدة” وإيصال المساعدات الانسانية إلى كل المدن المتضررة “.
انجازات هامشية لجولة مفاوضات متعثرة انطوت على خدمة مجانية اضافية قدمها المبعوث الأممي لتحالف العدوان السعودي منحته صك البراءة من هذه الحرب الهوجاء وآثارها وتداعياتها الانسانية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية.
اختزل المبعوث الأممي أزمة العدوان والحصار وتداعياته المفتوحة على كل الاحتمالات بلجنة مشتركة مصغرة اخرجها من رحم لجنة سبق لطرفها الممثل لحكومة الرياض أن أعلن صراحة أنه غير مفوض لإجراء مباحثات أو اتخاذ قرار في شأن البنود الرئيسية للمفاوضات في وقف اطلاق النار ورفع الحصار والمصادقة على خطة الانتقال إلى الحل السياسي وانحصار صلاحياته في ما املاه عليه الرئيس المستقيل عبد ربه منصور هادي للتفاوض حول آليات لاطلاق سراح خمسة من المعتقلين بينهم زير الدفاع السابق وشقيقة فضلا عن جزئية ” رفع الحصار عن تعز”.
لم يقل المبعوث الأممي شيئا عن مهمات اللجنة وآلية عملها وما إن كانت قادرة فعلا على انجاز مهمة كبيرة كوقف النار كما لم يقل شيئا عن أفق صلاحيات هذه اللجنة وهل ستكون مسنودة بقوة المنظمة الدولية فاتحا الباب لطوفان من الأسئلة عن اللجنة المثيرة للجدل وما إن كانت الأمم المتحدة واثقة تماما من قدرتها تثبيت القرار الأممي لوقف النار أو وضع تقرير أمام مجلس الأمن يدين أي طرف في شأن انتهاك الاعلان الاممي لوقف النار.
المبعوث الأممي أفصح بجلاء عن مهمة وفد حكومة الرياض عندما اعلن عن توافق طرفي المفاوضات على ما سماه ” مجموعة من التدابير لبناء الثقة تشمل إطلاق سراح السجناء والمعتقلين والمحتجزين” وهو البند الذي يعتبر من أكثر البنود الهامشية في اجندة المفاوضات والتي لا تحتاج إلى اتفاق في حال تم الاتفاق على على البنود الرئيسية المتمثلة في وقف اطلاق النار ورفع الحصار والشروع في خطة الحل السياسي المتضمنة في مسودة مفاوضات جنيف.
ولد الشيخ وبصفته الأممية حذر “من إطالة أمد الحرب … “وكلما طالت الحرب تزيد المآسي” وتعهد الاستمرار في عمل كل ما هو ضروري لتحقيق السلم لليمن”
قبل أن يقر بصفته التفاوضية بأن ” الأمم المتحدة كانت واضحة بأن جعلت المحادثات يمنية من دون دعوة أي طرف آخر ” ليضيف دليلا جديدا على أن الصراع المسلح الدائر اليوم في العديد من المناطق والمحافظات اليمنية يمني ولا وجود لأي طرف خارجي فيها.
انتهت الجولة الأولى من مفاوضات جنيف كما يريد الطرف السعودي الذي بدا هذه المرة أكثر هيمنة على المسار الديبلوماسي للأزمة وأدى المبعوث الأممي دوره بحماس وثقة كللها بتباكيه عن آثار الحصار الجائر الذي لم يجد الوقت الكافي لحديث عن مدى قانونيته ومدى انتهاكه للقانون الدولي الانساني والمواثيق الدولية.
لكن الأمر من وجهة نظر الراعي الأممي للتسوية البيعدة المنال لم ينته على تقديم اعلان للعالم بأن الصراع الدائر اليوم في هذا البلد صناعة يمنية صرفه، بل زاده بالافصاح عن براعته ليس فقط في وضع ملف تحالف العدوان السعودي وأثاره الكارثية على قاطرة الترحيل بل وأكثر من ذلك باعادته ملف الأزمة اليمنية برمته إلى المربع الأول بحديثه الواثق عن معادلة ذات مجاهيل عدة عن ” وضع اطار تفاوضي لاتفاق شامل ينهي النزاع ويستند استنادا راسخا على القرار الأممي 2216 الذي أعلنت عواصم أوروبية عدة بأنه غير قابل للتطبيق.
رئيس التحرير