2025/07/01 9:59:14 مساءً
الرئيسية >> تيارات >> أوهام الجماعات الدينية

أوهام الجماعات الدينية

الجماعات الدينية والمنتسبة منها إلى الاسلام, تتوهم أن الله معها وناصرها باعتبار أنها الجماعة المؤمنة به مقابل اعدائه من الكفار والمشركين, وبهذا الوهم تتعالى عن الاعتراف بأنها مسئولة عن خياراتها وأفعالها أمام الله الذي لا يظلم الناس شيئا ويجزي على الأعمال بالقسطاس المستقيم.

إن الايمان بالله ليس ادعاءً لفظياً ولكنه تصديق بقيم الايمان وإخلاص العمل بها, وسنن الله في الخلق لا تتبدل ولا تتحول بالادعاء والزعم, وإنما تصدق على المؤمنين العاملين بها حتى وإن كانوا كفاراً بالله ومشركين به, ولذلك يبين الله في القرآن الكريم لمن آمن به, أوامر ونواه, تجعله قريباً من الله الذي يحب المتقين المحسنين الصادقين, وينتصر للمظلومين الصابرين ضحايا البغي والعدوان.

فإذا خرجت جماعة دينية بطراً ورياءً, وألقت بنفسها إلى التهلكة واقترفت اثم ظلم الناس والبغي في الأرض بغير الحق, فقد وضعت نفسها في غير سبيل الله, وجعلت نفسها عرضة لكل ما لا يحبه الله من عباده المؤمنين والكافرين, ولا يهم بعد ذلك ما تدعيه وتلهج به السنتها من ذكر الله والدعاء, ومن طلب للصبر والتضحيات.

وأصل الوهم لدى الجماعات الدينية يكمن في تصورها للحق تصوراً يجعله حكراً لها دون الناس, متجاهلة أن الحق لها وعليها بذات الدرجة التي له على كل الناس, وبهذا لا يكون الحق مرجعاً يحكمها وتحتكم إليه في كل أمر وشأن, وإنما تتماهي به لتصبح هي وما هي عليه الحق الذي سواه الباطل, وهنا تكفر بالحق المبين وهي تدعي الايمان به وإخلاص العمل له.

تنسى هذه الجماعات وقد غرها في دينها ما افترته من ظن وزعم, أن الله يعلم السر وأخفى, وأنه لا يظلم الناس, فيجازي على العمل ويعفو عن كثيرو ويتوب على من تاب, ولم يصر على ما اقترفته يداه وإن كان بالخطأ أو النسيان.

تتوهم الجماعات الدينية أن الله لا يسألها عن ظلم مخالفيها في الدين والايمان, ولا يؤاخذها عن حقوقهم وما لهم عند الله من عدل وإنصاف, فتقترف من الجرائم كبائرها التي حرم الله على عباده, وتتخذ من السياسات والمواقف ما تعلم أن الله نهاها عنه وحرمها على المؤمنين به, ثم تنتصر الله وقد أنقضت ظهرها بالأوزار وكسبت بيديها العنت والخسران.

وحين تصل هذه الجماعات إلى المآزق والويلات, لا تراجع نفسها عما اقترفت, ولا تحاسب نفسها عن الأخطاء والخطايا, بل تتوهم أنها مبتلاه من الله لاختبار صبرها وثباتها على ما تظنه إيماناً, فتتمسك بالخطايا والأخطاء وتصر على ما هي عليه من وهم وظنون, وتتجرع غصص الشقاء وقد كان بمقدورها التوبة والغفران, والعودة إلى ما انحرفت عنه من حق وما ضلت عنه من سواء السبيل.

وكثيراً ما تذهب الجماعات الدينية إلى تحميل الناس وزر أوهامها, وتدعي أن ما وصلوا إليه من سوء حال سببه المعاصي والذنوب, وابتعاد الناس عن صراط الله الحميد, دون أن يعترفوا أن هذه نتائج ما اختاروه واتخذوه من قرارات ومواقف, وما رسوه من أعمال وسلوك, وهكذا يقودهم الظن الآثم إلى المهالك, ويزيد اصرهم والأغلال فتنغلق أبواب التوبة, وتنفتح أبواب الغرور ليكون عاقبة أمرهم الهلاك والخسران.

albadeel.c@gmail.com

اخبار 24

شاهد أيضاً

الفساد.. والإرادة السياسية (7)

أحمد يحيى الديلمي الفساد في مجال القضاء (ب) كان الشهيد المرحوم ابراهيم محمد الحمدي أول ...