2025/05/01 9:15:37 مساءً
الرئيسية >> إقتصاد >> تصدرها تكريس هادي لعوامل الهيمنة على السلطة والثروة والنفوذ:
دراسة اقتصادية تكشف اسرار فشل سياسات التنمية بعد 2011

تصدرها تكريس هادي لعوامل الهيمنة على السلطة والثروة والنفوذ:
دراسة اقتصادية تكشف اسرار فشل سياسات التنمية بعد 2011

 

تداخل العوامل السياسية والاقتصادية وتفاعلاتها وتأثيراتها، ساهمت بصورة مباشرة في فشل السياسات الاقتصادية والتنموية في اليمن خلال الفترة 2001- 2014م، وفقا لما خلصت اليه ورقة اكاديمية حديثة أعدها الخبير الاقتصادي الدكتور طه الفسيل، وعرضت في حلقة نقاشية حول الانتقال السياسي في اليمن وتداعياته الاقتصادية والاجتماعية والانسانية نظمها المرصد الاقتصادي للدراسات منتصف ديسمبر الماضي بصنعاء.

وحددت الورقة-حصل “المستقبل” على نسخة منها الأسباب الأساسية التي أدت إلى هذا الفشل إجمالا، في ثلاثة عوامل رئيسية، الاول، إن السلطة السياسية اصبحت هي المصدر الأول والأهم للدخل والثروة؛ الأمر الذي ادى إلى هيمنة القرار السياسي وتوجهاته ومصالحه على السياسات والقرارات والتوجهات الاقتصادية والاجتماعية التنموية؛ والتي يمكن إبراز اهم تجلياتها في سيطرة قلة من الأفراد وفي وقت واحد على كل من الجاه والثروة الوطنية وبالتالي على مقاليد الآمور السياسية   والاقتصادية في اليمن، وما أدى إليه   ذلك من تركز للسلطة والثروة؛ والتحالف بين رجال الأعمال والسلطة الحاكمة، واختلال الجهاز الاداري والمؤسسي للدولة؛ وسيادة ثقافة الريع الاقتصادي وانتشار الفساد بكل مظاهره.

وانعكس كل ما سبق بنتائجه وآثاره السلبية في فشل واخفاق خطط التنمية والسياسات الاقتصادية في احداث تغييرات هيكلية في البنيان الاقتصادي وبالتالي الفشل في إحداث تنمية اقتصادية واجتماعية حقيقية ومستدامة في اليمن.

أما العامل الرئيسي الثاني في الفشل، بحسب الورقة، فهو هيمنة وسيطرة العوامل الخارجية الاقتصادية، ويقصد بها العوامل التي لا يمكن التحكم بها محليا، مثل تحويلات المغتربين واسعار النفط وغيرها، فيما يتمثل العامل الثالث في الانعكاسات السلبية الاجتماعية والتنموية لبرنامج الاصلاح الاقتصادي والتكيف الهيكلي منذ العام 1995م، وانعكاساته السلبية.

وأشارت الورقة التي جاءت بعنوان “فشل سياسات وخطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية” الى انه وبالرغم من أن الفترة الانتقالية 2012- 2014، شهدت دخول لاعب وعامل جديد إلى السلطة السياسية تمثل في الرئيس عبدربه منصور هادي وحاشيته إلا أن تأثير العوامل الثلاثة المذكورة، استمر بصورة أو بأخرى خلال هذه الفترة.

وأكدت ان معالجة هذه العوامل الثلاثة، وبالذات العوامل السياسية والمؤسسية المحلية، تشكل المدخل الأساسي والخطوة الأولى نحو تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية العادلة وضمان تحقيق استقرار المؤشرات الاقتصادية الكلية خلال الاجلين المتوسط والطويل، الأمر الذي سوف يساهم بصورة كبيرة في الحد من النزاعات والتدخلات الخارجية مستقبلا.

وانتقدت تسييس الموازنة العامة للدولة، وهيمنة وسيطرة القرار السياسي عليها، واعتبرت ذلك مصدر الاختلال الاهم وفي الوقت نفسه المصدر الأساسي الذي تستخدمه السلطة السياسية للحصول على الريع، وكذلك كسب الولاءات وشراء الذمم والضمائر، حيث تمكنت السلطة السياسية خلال السنوات الماضية مع قلة من النخب السياسية والتجارية اليمنية من التحكم في توجهات السياسة المالية لخدمة مصالحها بحيث لم يقتصر الأمر على عدم تمكنها من المساهمة في التخفيف من الفقر والحد من البطالة فحسب وانما ساهمت في تعميق واتساع عدم المساواة وانتشار الفقر والبطالة.

وعن ارتباط النظام السياسي بالريع الاقتصادي القائم في اليمن، والذي قالت الورقة أنه ” يتسم في كونه نظام فئويا بامتياز” اوضحت الورقة، انه” يتم توزيع الموارد المالية والثروة الوطنية والمناقصات التجارية لنخب سياسية وتجارية محدودة وفقا لولائها وقربها من راس النظام ومن هنا نشأت تجارة النفوذ أو السيادة التي توزع المكاسب والمناصب والمنافع الاقتصادية والمالية والتجارية وفقا لهذا الولاء، وبدأت نخبة من التجار ورجال الأعمال تتحالف مع النظام القائم لحماية مصالحها التجارية وفي الوقت نفسه تعمل وفقا أولويات وتوجيهات أولى الأمر في السلطة.

كما ينشا الريع، من خلال سياسة الانفاق العام التي تمارسها الدولة عبر إرساء مناقصات المشاريع الانشائية والحكومية الضخمة لشركات ومؤسسات يملكها نافذون في الحكم أو حتى أفراد في الحكومة نفسها، دون مراعاة لتضارب المصالح، إذا اندمجت المصلحة العامة مع المصالح الخاصة، اضافة الى توزيع الاراضي، وتمكين الاقارب في كثير من مؤسسات الدولة الاقتصادية والمالية”.

وأضافت ” كما تتجلى أهم مظاهر الريع في الدمج ما بين الهيمنة السياسية والهيمنة الاقتصادية والتي يمارس في إطارها الفساد الكبير بحيث تحول هذا الفساد الى فساد مؤسسي وبنيوي”.

وساهم الارتباط العضوي بين النظام السياسي في اليمن والريع الاقتصادي، في اتباع سياسيات اقتصادية وتنموية غير مواتية لتحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية وكذلك اعاقة واضعاف أي جهود لتأسيس وبناء هياكل اقتصادية إنتاجية حقيقية وكذلك في تثبيط عمليات الاستثمار الانتاجية، بجانب انتشار الفساد، وتراجع قيمة العدالة الاجتماعية وغير ذلك من الاثار السلبية.

واكدت الورقة، استمرار هيمنة السلطة السياسية على السلطة والثروة في الفترة الانتقالية 2012- 2014م، وبالرغم من كل الدعم المحلي والاقليمي والدولي الذي حصل عليه الرئيس الانتقالي، بما في ذلك الدعم المالي المباشر من السعودية، الا ان هادي، لم يتمكن من ادارة البلد سياسيا واقتصاديا.

وقالت ” لا يرجع ذلك وحسب إلى العوامل والأسباب الموضوعية او تلك التي برزت خلال المرحلة الانتقالية، وانما ايضا إلى العوامل الذاتية المرتبطة مباشرة بالنخب الجديدة للسلطة (الرئيس عبدربه وحاشيته، والوزراء والمسئولين الجدد)، وفي مقدمتها استمرار عوامل ومظاهر الفساد ونهب المال العام بصورة أكبر من السابق”.

ولفتت الى ان ذلك، أدى إلى استمرار الصراع السياسي والمسلح الداخلي، لينتهي الأمر باستدعاء التدخل العسكري الخارجي وشن الحرب على اليمن تحت مبرر إعادة الشرعية من قبل ما يسمى بـ “التحالف العربي”، في نهاية مارس 2014م.

ويشير الدكتور الفسيل في ورقته، الى ان هادي لم يتمكن منذ العام الاول وحكومته من الحد من تردى الأوضاع الاقتصادية والمعيشية وتدهور الخدمات الصحية والتعليم، والحد من ارتفاع مستوى الفقر والبطالة، كما شهدت الأوضاع الأمنية تدهورا ملحوظا تمثلت ابرز مظاهرها في استمرار وتزايد الهجمات على خطوط نقل الكهرباء وعلى انابيب نقل النفط ومنشأته، إضافة إلى توسع تنظيم القاعدة وتزايد هجماته.

وأكد ان هادي، بدأ عامه الأول في الحكم بالسيطرة على منابع الثروة الوطنية من خلال حوالي 35 قرارا جمهوريا مكنته من السيطرة على المؤسسات والشركات العامة الايرادية الأكثر أهمية وحيوية من خلال تعيين المقربين منه والموالين له في هذه المؤسسات الأمر الذي آثار العديد من التساؤلات بل مخاوف جديدة من أن الرئيس هادي استخدم مطالب الشارع بتغيير الفاسدين كمدخل لاحكام قبضته على منابع الثروة والمال العام من أجل بناء نفوذ بديل لنفوذ نظام صالح، خاصة وأن هادي بحكم خبرته في السلطة كان يدرك بشكل جيد عوامل صناعة النفوذ وأهمية المال لترسيخ حكمه وإطالة أمد بقائه.

وأضافت الورقة ” استند هادي في ممارسة سلطته على الدعم السياسي الاقليمي والدولي، ولذلك لم يهتم بالقضايا والمصالح الوطنية العامة التي تهم غالبية المواطنين، كما عمل على تجميد كل الخطوات التي كانت على رأس مطالب المحتجين في 2011م، مثل المؤسسة الاقتصادية اليمنية، كما قام بإصدار العديد من قرارات التعيين المخالفة للقانون وفي مقدمتها قرار تعيين قيادة الهياة العليا لمكافحة الفساد، وكذلك تعيين العديد ممن عرفوا بفسادهم أو متورطين بقضايا جنائية ليس في مناصب قيادية فحسب وانما في مواقع عليا داخل دوائر صنع القرار”.

وأشارت الى ان وكلاء المحافظين بلغ عددهم خلال عهده 222 وكيل محافظة بما يعنيه ذلك من تكاليف مالية من الموازنة العامة، اضافة الى تعيين182 شخصية من دائرة اهله ومعارفه في مواقع عسكرية مختلفة في اقل من عشرة اشهر من استلامه للسلطة، كما لم تتغير خلال عهده آليات اتخاذ القرارات والتعيينات، وحل ديوان نجله جلال وبعض المقايل الأخرى، محل ابن الرئيس السابق والمقايل السابقة.

وتطرقت الورقة الى مساومة هادي المفترض انتهاء ولايته في 20 فبراير 2014م، لأعضاء الحوار الوطني للتمديد له، وتجاهله عمدا العديد من النقاط التي نصت عليها المبادرة الخليجية.

وخلصت الى ان عملية الانتقال السياسي في اليمن لم تؤد إلى حدوث تغيير يذكر في الخلفية السياسية للنخبة الحاكمة الجديدة، او في النخبة الاقتصادية اليمنية والتي لا تقتصر شبكة علاقاتها ومصالحها فحسب مع الفاعلين المحليين، وانما ايضا مع الفاعلين الدوليين، وفي مقدمتهم شركات النفط العالمية والمؤسسات المالية والاقتصادية الدولية.

كما لم تستهدف السياسات الاقتصادية والاجتماعية التي اتبعتها السلطة الانتقالية إحداث أي تغيير هيكلي حقيقي في البناء الاقتصادي لليمن وبالذات إعادة توزيع الثروة والسلطة من خلال إعادة هيكلة الحقوق والواجبات بين السلطة والمجتمع، وبين كافة الفاعلين في المجتمع اليمني، بما يضمن حاليا ومستقبلا العدالة والمساواة النسبية في توزيع الفرص الاقتصادية والاجتماعية والموارد السياسية.

 

 

اخبار 24

شاهد أيضاً

الصين تحتل المرتبة الأولى عالميا في إنتاج وبيع الإلكترونيات الاستهلاكية

المستقبل نت أعلنت وزارة الصناعة وتكنولوجيا المعلومات الصينية اليوم الثلاثاء، أن الصين تحتل المرتبة الأولى ...