2024/04/26 1:57:36 مساءً
الرئيسية >> أحدث الأخبار >> “الجارديان” تنشر دراسة مثيرة عن حجم الاموال المتدفقة من الدول الفقيرة إلى الدول الغنية.. من يساعد من ؟

“الجارديان” تنشر دراسة مثيرة عن حجم الاموال المتدفقة من الدول الفقيرة إلى الدول الغنية.. من يساعد من ؟

نشرت صحيفة “الغارديان” البريطانية نتائج دراسة مثيرة كشفت خلالها كذبة ما يسمى بمساعدة الدول الغنية للدول الفقيرة، وفيما يلي نص التقرير:  

لطالما حكيت لنا القصص عن العلاقة بين الدول الغنية والدول الفقيرة، وكيف تنفق الدول الغنية في منظمة التعاون والتنمية بسخاء على الدول الفقيرة في جنوب العالم، لمساعدتها في القضاء على الفقر ودفعهم لصعود سلم التنمية. نعم، لقد حقّقت الدول الاستعمارية في عصر الاستعمار الثراء باستخراج خيرات البلاد المستعمرة وتشغيل أهلها بالسخرة، لكنّ كل ذلك كان من الماضي. وفي هذه الأيام، تقدّم الدول الغنية مساعدات سنوية تقدّر بـ 125 مليار دولار، وهو دليل دامغ على نيتها الحسنة وعملها الخيّر.

 وقد انتشرت هذه القصة على نطاق واسع عن طريق برامج الإعانات وحكومات الدول الغنية، وقد تلقّيناها وكأنّها أمرٌ مسلّم به. لكن قد لا يكون الأمر بسيطًا كما يبدو.

 ونشرت مؤخرًا منظمة النزاهة العالمية ومقرها الولايات المتّحدة ومركز الأبحاث التطبيقية بكلية الاقتصاد النرويجية، بعض المعلومات المدهشة. فقد أحصت كل الموارد المالية التي انتقلت بين الدول الغنية والدول الفقيرة كل عام، ليس فقط في شكل مساعدات واستثمارات أجنبية وتدفقات التجارة، ولكن أيضًا التحويلات غير المالية مثل إلغاء الديون والتحويلات بدون مقابل مثل تحويلات العاملين بالخارج وهروب رؤوس الأموال غير المسجّلة. وعلى حدّ علمي، فإنّ هذا هو التقييم الأشمل لتحويلات الموارد المالية في أي وقتٍ مضى.

 وما تمّ اكتشافه، أنّ الأموال المتدفقة من الدولة الغنية إلى الدول الفقيرة تتضاءل حجمًا أمام الأموال المتدفّقة في الاتجاه المعاكس.

 في عام 2012، آخر أعوام البيانات المسجّلة، تلقّت الدول النامية إجمالي 1.3 تريليون دولار، بما يشمل المساعدات والاستثمارات والدخل من الخارج. لكن في نفس العام، تدفّقت 3.3 تريليون دولار من هذه الدول إلى الخارج. بعبارةٍ أخرى، أرسلت الدول النامية أموالًا تزيد بـ 2 تريليون دولار إلى باقي العالم عمّا تحصّلت عليه. وإذا نظرنا إلى كل السنوات منذ عام 1980، نجد أنّ صافي الفرق يصل إلى 16.3 تريليون دولار، وهي قيمة الأموال التي استنزفت من دول جنوب العالم على مدى العقود القليلة الماضية. ولإدراك حجم ذلك، فإنّ 16.3 تريليون دولار تساوي تقريبًا حجم الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتّحدة.

 ما يعنيه هذا أنّ الرواية المعتادة عن التنمية تحدث بالعكس. والمساعدات تسير بشكل عكسي. والدول الغنية لا تعمل على تنمية الدول الفقيرة، بل الدول الفقيرة هي من تعمل على تنمية الدول الغنية.

 كيف تنتقل هذه الأموال؟

ولكن ممّ تتكون هذه التدفقات الكبيرة؟ حسنًا، بعضها عبارة عن دفعات ديون. وقد دفعت الدول النامية 4.2 تريليون دولار في بند فوائد الديون فقط منذ عام 1980، في صورة تحويلات نقدية كبيرة إلى بنوك في نيويورك ولندن، وهي كمية من الأموال تتضاءل أمامها المساعدات التي حصلوا عليها في نفس الفترة. والمساهم الأكبر الآخر هو الدخل الذي يحقّقه الأجانب من خلال استثماراتهم داخل البلاد النامية ومن ثمّ تحويلها إلى أوطانهم. ولك أن تتخيل حجم الأرباح التي استخرجتها بريتش بتروليوم من احتياطيات النفط في نيجيريا، كمثال، أو ما سحبته الشركات الأنجلو أمريكية من مناجم الذهب في جنوب أفريقيا.

 ولكن حتّى الآن، فالمساهم الأكبر في هذه الرقم هي رؤوس الأموال غير المسجّلة أو المهرّبة للخارج. وأحصت منظمة النزاهة المالية العالمية أنّ الأموال المهرّبة بطريق غير مشروع من الدول النامية قد بلغت 13.4 تريليون دولار منذ عام 1980.

 ومعظم هذه التدفّقات غير المسجّلة تتم في الأساس عن طريق نظام التجارة العالمي. وفي الأساس، تقدم المؤسسات والشركات، الأجنبية والمحلية على حدٍّ سواء، تقارير بأسعار كاذبة في فواتيرهم التجارية من أجل تحويل الأموال من الدول النامية مباشرةً إلى الملاذات الضريبية والتشريعات السرية، وهي ممارسة تعرف باسم «فواتير التجارة المضللة». وعادةً ما يكون الهدف من ذلك هو التهرّب من الضرائب، لكن في بعض الأحيان تستخدم هذه الممارسات لغسيل الأموال أو للتحايل على ضوابط رأس المال. وفي عام 2012، فقدت الدول النامية 700 مليار دولار من خلال التجارة المشبوهة (فواتير التجارة المضللة)، والتي تجاوزت المساعدات القادمة إلى تلك الدول في هذا العام بـ 5 أضعاف.

 وتسرق الشركات متعدّدة الجنسيات المال أيضًا من الدول النامية من خلال «تزوير نفس الفاتورة»، من خلال تحويل الأموال بين فروعها في الدول المختلفة عن طريق تزوير متبادل لأسعار الفاتورة التجارية بين الجانبين.

 ولم تضمّن منظمة النزاهة المالية العالمية نفس الفواتير المزورة في أرقامها، لأنّها من الصعب جدًا أن تكتشف، لكنّها قدّرتها بـ 700 مليار دولار أخرى. وتغطّي هذه الأرقام فقط السرقة في تجارة البضائع. وإذا أضفنا السرقات من خلال تجارة الخدمات، فإنّ ذلك يرفع صافي التدفّقات إلى 3 تريليون دولار في العام الواحد.

 24 ضعفا

ويمثّل هذا 24 مرّة أكثر من ميزانية المساعدات. وفي عبارة أخرى، مقابل كل دولار من المساعدات تحصّلت عليه الدول النامية، فقدت أمامه 24 دولارًا في صافي التدفقات. وتجرّد هذه التدفّقات الدول النامية من مصدر هام للدخل والأموال الضرورية للتنمية. وكشفت منظمة النزاهة المالية العالمية أنّ الحجم المتزايد لصافي التدفّقات قد سبّب تراجعًا في معدّلات النمو الاقتصادي في الدول النامية، وهو مسؤول مباشر عن انهيار معايير العيش.

 من إذًا المسؤول عن هذه الكارثة؟ بعد أن عرفنا أنّ هروب رؤوس الأموال غير المشروع يعدّ سببًا كبيرًا للمشكلة، فإنّها نقطة جيدة للبدء منها. ومن الواضح أنّ الشركات التي تكذب في فواتيرها على خطأ، لكن لماذا من السهل جدًا عليها فعل ذلك؟ في الماضي، كان موظّفو الجمارك يتعرفّون على التحويلات التي تبدو مخادعة، وهو الأمر الذي كان يجعل من شبه المستحيل على أي شخص أن يغش. لكنّ منظمة التجارة العالمية زعمت أنّ ذلك يجعل التجارة غير فعّالة، ومنذ عام 1994، طلب من موظفي الجمارك الموافقة على الأسعار المفوترة على ظاهرها إلّا في الظروف شديدة الريبة، الأمر الذي جعل من الصعب عليهم تحجيم التدفّقات غير المشروعة.

 ومع ذلك، لم يكن هروب الأموال غير المشروع ممكنًا لولا الملاذات الضريبية. وفيما يتعلّق بالملاذات الضريبية، توجد أكثر من 60 منها حول العالم، والغالبية العظمى منها تحت سيطرة حفنة من الدول الغربية. وتوجد الملاذات الضريبية الأوروبية مثل لوكسمبورغ وبلجيكا، والملاذات الضريبية الأمريكية مثل ديلاوير ومنهاتن. لكنّ الشبكة الأكبر من الملاذات الضريبية تتركّز حول مدينة لندن، والتي تتحكّم في ولايات قضائية سرّية في جميع أنحاء التاج البريطاني وما وراء البحار.

بعبارة أخرى، فإنّ بعض الدول التي تحب الترويج لمساهماتها في المساعدات الخارجية، هي نفسها التي تمكّن السرقة الضخمة من الدول النامية.

وتبدو قصّة المساعدات ساذجة بعض الشيء عندما نضع تلك التدفّقات العكسية في الاعتبار. ويصبح من الواضح أنّ هذه المساعدات لم تقدّم الكثير، لكنّها تخفي سوء توزيع الموارد حول العالم. وهي تجعل الذين يأخذون يظهرون في صورة المانحين، الأمر الذي يمنحهم نوعًا من الصورة الأخلاقية الراقية، ويمنع منّا هؤلاء الذين يهتمّون بالفقر العالمي عن فهم كيف يعمل النظام حقًّا.

لا تحتاج البلدان الفقيرة إلى الإحسان والعطف. إنّها تحتاج إلى العدالة. وليس من الصعب تحقيق العدالة. يمكننا شطب الديون عن الدول الفقيرة، وإطلاق سراحها لتنفق أموالها على التنمية بدلًا من مدفوعات فوائد الديون القديمة. ويمكننا إغلاق الولايات القضائية السرية، وفرض العقوبات على المصرفيين والمحاسبين الذين يسهّلون عملية التدفّقات غير المشروعة. ويمكننا فرض حد أدنى من الضريبة على دخل المؤسّسات للقضاء على دوافع تحويل المؤسسات لأموالها سرًّا حول العالم.

 نحن نعلم كيف نعالج المشكلة. لكنّ فعل ذلك سيضرّ بمصالح البنوك والمؤسّسات القوية التي تحصل على منافع مادّية كبيرة من النظام القائم. والسؤال هو، هل نملك حقًّا الشجاعة؟

 

اخبار 24

شاهد أيضاً

الهيئة العامة للزكاة تدشن مشروع السلال الغذائية النقدية لـ 6 آلاف جريح بقيمة 150 مليون

المستقبل نت: دشنت الهيئة العامة للزكاة الخميس بصنعاء، بالتنسيق مع مؤسسة الجرحى، مشروع توزيع السلال ...