2024/04/26 6:59:33 صباحًا
الرئيسية >> أحدث الأخبار >> تأملاتٌ في تاريخ العرب المعاصر .. (١)

تأملاتٌ في تاريخ العرب المعاصر .. (١)

 

فاوض البريطانيون مع البدايات الأولى لعام 1915 على ثلاثة محاور إحداهما علني و كان مع شريف مكة و الإثنان الآخران كانا سريين و بشكل منفرد عن الآخر مع الفرنسيين و كذلك مع اليهود .

لقد كان الإنجليز في أمس الحاجة يومها لتأليب العرب على الأتراك المشاركين في الحرب العالمية الأولى ضد البريطانيين و حلفاءهم، لذلك سعوا لحث العرب على الثورة على الأتراك و إغراءهم بدولة عربية واحدة و مستقلة عن الباب العالي في إسطنبول إلا أن الشريف حسين أراد في بداية الأمر التفاهم مع البريطانيين لمعرفة حدود بلاده الموعودة . و بعد مفاوضات شاقة طرح الإنجليز عرضاً يقضي بمنحه الأراضي العربية في الجزيرة و الشام و العراق بإستثناء جنوب اليمن و إمارات الخليج و جنوب العراق و غرب بلاد الشام (لبنان حالياً).

وافق الشريف حسين على هذا العرض و بدأ بإرسال إبنه الشريف فيصل إلى بلاد الشام و العراق طارحاً فكرة الثورة العربية على الأتراك الذين كان قد بلغ ظلمهم و إستبدادهم مبلغاً عظيما، فتلقف الشاميون الفكرة بنوع من التحمس و الإستعداد لإعلان هذه الثورة و كذلك العراقيون و حتى المصريين .

و أُعلنت الثورة العربية الكبرى بقيادة الشريف حسين و بدعمٍ من البريطانيين و بينما كانت هذه الثورة قائمة على قدمٍ و ساق إذ بالصحف المصرية تحصل على معلومات مسربة عن الإتفاقية السرية التي تم التوصل إليها بين وزيري خارجية بريطانيا (سايكس) و فرنسا (بيكو) ثم نشرت بنودها التي كانت تقضي بإقتسام التركة العثمانية في المنطقة العربية بين بريطانيا و فرنسا حيث حصل الإنجليز على العراق و الأردن و فرنسا على سوريا و لبنان مع الإبقاء على وضع فلسطين تحت إشرافٍ دولي و هي ما عرفت لاحقاً بإتفاقية (سايكس-بيكو .. 1916)، ليجد نفسه الشريف حسين قد وقع في الفخ بعد أن مهد الطريق للبريطانين بإقتحامه العقبة التي عجزوا عن ذلك من قبل بعد معركة العلمين ليسارعوا بالتقدم نحو فلسطين .

المحور الثالث الذي كان البريطانيون يفاوضون عليه و هو المحور البريطاني اليهودي حيث توصلوا إلى إتفاق مع اليهود لمنحهم حق إقامة دولة يهودية في فلسطين مقابل حصولهم على الدعم المالي و السياسي اليهودي في الحرب العالمية الأولى خاصةً و أن اليهود كانوا هم المسيطرين علئ بيوت المال و الأعمال في سائر أوروبا و أمريكا و كان البعض منهم قد تبوأ حتى مناصب سياسية رفيعة في الحكومة البريطانية نفسها .

أثمرت المفاوضات البريطانية اليهودية السرية عن ما سُمّي لاحقاً بوعد (بلفور) نسبةً لوزير الخارجية البريطاني آنذاك آرثر بلفور و الذي أطلق ذلك الوعد في الثاني من نوفمبر1917 و الذي يقول :

“إن حكومة صاحب الجلالة تنظر بعين العطف إلى إقامة مقام قومي في فلسطين للشعب اليهودي، وستبذل غاية جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية، على أن يفهم جلياً أنه لن يؤتى بعمل من شأنه أن ينتقص من الحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة في فلسطين، ولا الحقوق أو الوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في أي بلد آخر”.

يلاحظ مما سبق أن البريطانيين قد نكثوا بإتفاقياتهم مع العرب و لم يمكنوهم من إقامة دولة عربية بقيادة الشريف حسين و قاموا بإحتلالهم للمناطق المتفق عليها لإقامة هذه الدولة، كما أنهم قد إنقلبوا على إتفاقهم مع الفرنسيين فيما يخص وضعية فلسطين تحت الإشراف الدولي ليقوموا بإحتلالها قبل شهر واحدٍ فقط من إطلاق وعد (بلفور) المشئوم . و كل هذا من أجل الإيفاء بتعهداتهم و إلتزاماتهم لليهود !! ..لماذا .. ؟!!

بقلم الشيخ / عبد المنان السنبلي 

يتبع  ..

اخبار 24

شاهد أيضاً

الهيئة العامة للزكاة تدشن مشروع السلال الغذائية النقدية لـ 6 آلاف جريح بقيمة 150 مليون

المستقبل نت: دشنت الهيئة العامة للزكاة الخميس بصنعاء، بالتنسيق مع مؤسسة الجرحى، مشروع توزيع السلال ...