2024/04/29 5:08:33 مساءً
الرئيسية >> ميكروسكوب >> قراءة تحليلية ترصد الالغام السعودية في احاطة ولد الشيخ لمجلس الأمن .. لا جديد في الأفق  

قراءة تحليلية ترصد الالغام السعودية في احاطة ولد الشيخ لمجلس الأمن .. لا جديد في الأفق  

هذه المرة أيضا لم تخل احاطة المبعوث الأممي اسماعيل ولد الشيخ المقدمة إلى جلسة مجلس الأمن بجلسته المنعقدة اليوم بشأن اليمن من الغام بالغة الخطورة، تصدرها نقل مزاعم الحملات السعودية بشأن استهداف مكة بالصواريخ وملف تهديد خطوط الملاحة الدولية من المربع الدعائي الغوغائي إلى الطاولة الأممية فيما اكتفى بترحيل البند السياسي بالتعامي عن الاطراف المعرقلة للتسوية حتى بعد اعلان هادي وحكومته صراحة رفضهم خطته للحل السياسي التي سلمها مؤخرا مقابل تجاهله  اعلان الوفد الوطني القبول بها ارضية للنقاش مع خلطه للاوراق باتهامه جميع الاطراف برفض الخطة الأممية.

وانضم ولد الشيخ بقوة إلى دوامة الحملة الدعائية السعودية لـ “الحشد الديني الطائفي” التي تصدرها تحالف العدوان السعودي مؤخرا بذرائع استهداف الصواريخ اليمنية مكة المكرمة واعاد في احاطه المقدمة إلى مجلس الأمن اليوم انتاج الادعاءات السعودية التي نفتها لندن عن استهداف الجيش اليمني واللجان الشعبية مكة المكرمة بالصواريخ، في المحور الذي راهن عليه النظام السعودي في أن يساهم في تخفيف حدة الضغوط الدولية حيال جرائمه الوحشية ضد المدنيين في اليمن.

وتحدث ولد الشيخ عن تصاعد وتيرة العنف بشكل كبير بعيد الهدنة الأممية الهشة التي حمل الطرفين مسؤولية انهيارها من اليوم الأول لدخولها حيز التنفيذ يوم 19 اكتوبر الجاري، سواء في الداخل اليمني ( تعز ـ مأرب ـ الجوف ـ حجة ) وفي المناطق الحدودية مع السعودية، مبرزا بصورة متعمدة ما سماه ” زيادة الهجمات بالصواريخ  البالستية من حيث الكم والمدى” .

وتلبية لضغوط سعودية تزامنت مع حملة حشد ديني سعودية على المستوى الدولي اعتبر ولد الشيخ أن “ما هو في قمة الخطورة أيضا استهداف منطقة مكة المكرمة بصاروخ بالستي وهذا يعتبر تطورا خطيرا يؤثر على مجرى الحرب ويمس مشاعر ما يزيد عن مليار ونصف مسلم في العالم” حاسما الجدل الدائر بشأن هذه  الادعاءات لصالح السعودية دون الاشارة إلى  الحاجة لتحقيق دولي مستقل في هذه القضية التي تهدد المنطقة بعاصفة صراعات طائفية .

واعاد ولد الشيخ مرة أخرى الذرائع السعودية التي نفتها واشنطن بشكل رسمي، بشأن استهداف الجيش اليمني واللجان الشعبية، بوارجها الحربية في مضيق باب المندب على البحر الأحمر ” مؤكدا ما سماه ” استهداف السفن التي تبحر على مقربة من الساحل اليمني بالقصف من مواقع تابعة لسيطرة أنصار الله بحسب التقارير”.

وزاد من ذلك الاشارة إلى ” تعرض سفينة تابعة للإمارات العربية المتحدة في مضيق باب المندب. وكذلك تعرضت مدمرات أمريكية للقصف المباشر بينما كانت تبحر في المياه الدولية قبالة سواحل اليمن، وردت بقصف على مواقع رادار تابعة لأنصار الله”.

ورغم التأكيدات المحلية والدولية التي اطاحت بالمزاعم السعودية والاماراتية بشأن البارجة ” سويفت ” التي استهدفتها الصواريخ اليمنية لدى محاولتها تنفيذ عمليات عسكرية قبالة سواحل المخا، ونفى واشنطن يقينها ما إن كانت الصواريخ جاءت من الاراضي اليمنية واعلانها عن عطل في رادارات المدمرة “مايسون” إلا أن ولد الشيخ تجاوز كل ذلك مقدما سياقا فيه ادانة مباشرة لأنصار الله بوصف ذلك تجاوزات، ومعتبرا ” أن تكرار مثل هذه الحوادث مؤشر خطير قد يؤدي إلى تصعيد حاد للقتال وتهديد أمن حركة الملاحة العالمية” داعما الموقف السعودي الذي عبر عنه بـ ” دعوة مجلس الأمن الدولي في 4 اكتوبر الجاري إلى وقف فوري لهذه الهجمات”.

وبالمقابل تحدث ولد الشيخ عن جريمة استهداف مجلس العزاء في الصالة الكبرى بصنعاء وصفا ما جرى بأنه حادثة اليمة ومأساوية مؤكدا أن قصف مجلس العزاء “مخالف للأعراف والتقاليد اليمنية ومن الضروري محاسبة الجناة” في طرح انطوى على رسالة بأن الحادثة يمنية صرفة.

ومنح ولد الشيخ دعما اضافيا للسعودية بحديثه عن التحقيق السعودي في الهجوم وتقريرها الذي طالب “باتخاذ إجراءات ضد من تثبت مسؤوليته في هذا السياق” ودعوته إلى مراجعة قواعد الاشتباك المعنية للتحالف”.

وقطع الطريق امام المطالب الدولية بتشكيل لجنة تحقيق دولية لصالح لجنة التحقيق السعودية بالتأكيد على” أهمية إتمام التحقيق وأن يفضي إلى معاقبة كل من تثبت مسؤوليته في هذا السياق”.

المحور السياسي ؛؛؛

في الملف السياسي تجاهل المبعوث الأممي المواقف المعلنة من حكومة هادي حيال خارطة الطريق تماما، كما تجاهل الموقف الذي اعلنه الوفد الوطني بالقبول بخطة الحل السياسي ارضية للنقاش وذهب إلى أبعد من ذلك بالاشارة إلى أنه ابلغ من  طرق غير رسمية برفض الأطراف لخارطة الطريق! ما اعتبره دليلا على عجز النخبة السياسية في اليمن عن تجاوز خلافاتها وتغليب المصلحة العامة على المصالح الشخصية.

يضاف إلى ذلك تركيزه على اعادة ربط الجانب الأمني بالسياسي معتبرا أن ما يشهده الميدان اليمني حاليا لا يتماشى مع مسار السلام الذي التزم به الأطراف من خلال تعهداتهم للأمم المتحدة وللمجتمع الدولي. فالحالة الأمنية غير مستقرة والوضع الإنساني مأساوي بالرغم من جهود المنظمات الإنسانية.

كما أعاد ولد الشيخ انتاج المواقف السعودية السابقة بالاشارة إلى أن استمرار “الأطراف في اتخاذ قرارات أحادية من شأنها أن تهدد هذا المسار، في اشارة إلى خطوة تشكيل المجلس السياسي وترتيبات تشكيل حكومة الانقاذ الوطني، واعلان بن دغر “عبر وسائل التواصل الاجتماعي” إلى خطط لاجتماع الهيئة الوطنية من أجل التصديق على مسودة الدستور” داعيا “الأطراف، مرة أخرى، إلى الامتناع عن اتخاذ أية قرارات أحادية من شأنها أن تعرقل الخيار السلمي وتجعل عودتهم إلى طاولة المفاوضات لإعادة اليمن إلى مسار السلام أكثر تعقيداً”.

وقياسا بتجاهله موقف الوفد الوطني الذي اعلن قبوله الخطة الأممية ارضية للنقاش فقد اعتبر خارطة الطريق التي قدمها متماشية مع قرار مجلس الأمن 2216 والقرارات ذات الصلة، ومبادرة مجلس التعاون الخليجي وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني، وقال أنها تشمل سلسلة إجراءات أمنية وسياسية متسلسلة ومتوازية من شأنها أن تساعد على إعادة اليمن للسلام وللانتقال السياسي المنظم.

الملف الأمني والعسكري؛؛؛

قياسا بتركيزه على المخاوف السعودية في الملف الأمني فقد اعطى ولد الشيخ كذلك اهتماما أكبر حيال ما يمس المشاريع الحرجة لتحالف العدوان السعودي الاماراتي، وبدا مضطرا لتجاوز سلسلة طويلة من المجازر الوحشية التي تعرض لها المدنيون جراء غارات طيران العدوان السعودي والتي سجلت تصعيد خطيرا منذ انهيار الهدنة الهشة وآخرها مجزرة سجن الزيدية، معطيا مساحة كبيرة للتهديد الذي يشكله تنظيم القاعدة في جنوب اليمن مقدما تفاصيل الهجوم الانتحاري في الأول من اكتوبر الذي ادى إلى مقتل مدني وجرح ثلاثة فضلا عن عمليتي اغتيال استهدفت مسؤول مخابرات متقاعدة ومسؤول أمني، مشيدا بما تقوم به القوات الاماراتية الغازية للجنوب والمليشيا العملية في جهود مكافحة الإرهاب.

ولإضفاء نوع من التوازن طالب ولد الشيخ بإعادة حركة الملاحة الجوية التجارية إلى العمل فوراً واستئناف الرحلات التجارية من وإلى صنعاء دون المزيد من التأخير” كما طالب الحوثيين والمؤتمر الشعبي العام بتأمين حرية الحركة دون عوائق للعاملين الإنسانيين حتى يتمكنوا من إيصال المساعدات إلى جميع من هم بحاجة اليها دون أية ضغوطات أو تبريرات.

كما اكد أن تدهور الوضع الاقتصادي يهدد بخلق أزمة إنسانية أكبر بكثير إن لم تتخذ خطوات صارمة وبأسرع وقت لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، مشيرا إلى أنه قد توقف بالفعل صرف الرواتب لمعظم العاملين في القطاع العام وكانت هذه الرواتب مصدر الدخل الوحيد للعديد من العائلات اليمنية، وأخشى إنه إن لم يتم صرفها بأسرع وقت ممكن سيواجه المزيد من اليمنيين الفقر المدقع ويضطرون إلى الاعتماد على المساعدات الإنسانية بشكل أساسي للبقاء على قيد الحياة.

ودعا إلى ” التزام جاد من جميع الأطراف بما فيها الحكومة اليمنية وأنصار الله والمؤتمر الشعبي العام بالتعاون لتمكين البنك المركزي من مواصلة مهامه وتأمين صرف الرواتب بأسرع وقت ممكن في كافة أنحاء البلاد.

ولم يلتفت المبعوث الأممي إلى الترتيبات الجارية ببشأن اصدار قرار جديد من مجلس الأمن، بعد التقارير التي تحدثت عن ارجاء مندوب لندن في مجلس الأمن طرح مشروع القرار إلى حين أعلان ولد الشيخ رسميا فشل مهمته في الوصول إلى تسوية في إلى دعم بريطانيا لكل ما طرحه ولد الشيخ في هذه الاحاطة التي بددت  مرة أخرى الآمال بانفراج وشيك لأزمة العدوان والحصار.

هنا نص الاحاطة كاملة ؛؛؛

سيدي الرئيس،

أشكركم على إعطائي الفرصة لإطلاع مجلس الأمن على آخر تطورات الملف اليمني وأبرز التحديات التي تؤثرعلى عودة الأمن والاستقرار إلى البلاد.

إن ما يشهده الميدان اليمني حاليا لا يتماشى مع مسار السلام الذي التزم به الأطراف من خلال تعهداتهم للأمم المتحدة وللمجتمع الدولي. فالحالة الأمنية غير مستقرة والوضع الإنساني مأساوي بالرغم من جهود المنظمات الإنسانية.

على الصعيد الأمني، حادثة أليمة ومأساوية تعرض لها مجلس عزاء في صنعاء يوم الثامن من أكتوبر في الوقت الذي تواجد فيه حوالي ألف شخص لأداء واجب العزاء والحصيلة ما يزيد عن 140 قتيل وخمسمائة وخمسين جريح. لقد زرت القاعة منذ أيام مع بعض أهالي الشهداء وتأسفت لما رأيت من خراب ودمار. وكان من بين الضحايا أمين عام العاصمة صنعاء السيد عبد القادر هلال وهو سياسي مخضرم معروف بشجاعته ونضاله من أجل السلام حتى آخر لحظة من حياته وكذلك عضوين من أعضاء لجنة التهدئة والتنسيق. إن قصف مجلس العزاء مخالف للأعراف والتقاليد اليمنية ومن الضروري محاسبة الجناة. أتقدم مرة أخرى بالتعازي لأهل الشهداء وأتمنى الشفاء العاجل للجرحى والمصابين وأثني على التصاريح الصادرة عنهم بدعوة الشعب اليمني لضبط النفس والمطالبة بتحقيقات استقصائية دقيقة وما ذلك إلا دليل قاطع على حسهم الوطني وحرصهم على السلام.

لقد تبنى التحالف العربي المسؤولية عن هذا الهجوم وسارع فريق التقييم المشترك التابع له بإجراء تحقيق أولي، طالب في توصياته باتخاذ إجراءات ضد من تثبت مسؤوليته في هذا السياق، ودعا إلى مراجعة قواعد الاشتباك المعنية للتحالف. وأؤكد على أهمية إتمام التحقيق وأن يفضي إلى معاقبة كل من تثبت مسؤوليته في هذا السياق.

سيدي الرئيس،

لم تكن هذه الحادثة الوحيدة التي تعرض فيها المدنيون والبنى التحتية للقصف خلال الأسابيع المنصرمة. ففي الثالث من أكتوبر، تعرضت منطقة بير باشا في تعز لقصف عنيف من مناطق تابعة لسيطرة أنصار الله والمؤتمر الشعبي العام مما أدى الى وفاة تسعة مدنيين بينهم ثلاثة أطفال. فتعز تعاني منذ أشهر من قصف عشوائي يقضي على الانسان والبنيان ولابد من أن يتوقف. وما هذه الأحداث إلا تأكيد إضافي على ضراوة الحرب التي تعصف باليمن طوال الأشهر الثمانية عشر الأخيرة.

سيدي الرئيس،

إن تصرفات الأطراف على الأرض تخالف الالتزامات التي قدموها مسبقاً بالانخراط الكامل وبشكل بناء مع مسار السلام الذي تيسره الأمم المتحدة. فلقد دعوت الأطراف لإعادة الالتزام بأحكام وشروط وقف الأعمال القتالية الذي بدأ العمل به في 10 نيسان / أبريل 2016. وبالرغم أنني كنت أفضل وقفا مفتوحاً للأعمال القتالية، فقد وافق الأطراف على هدنة مدتها 72 ساعة دخلت حيز التنفيذ في 19 أكتوبر. تعرضت الهدنة مع الأسف الشديد لخروقات عديدة من قبل الطرفين منذ يومها الأول إن التصعيد العسكري بالصورة التي شهدها اليمن في الأسابيع القليلة الماضية هو أمر في غاية الخطورة، فقد تصاعدت وتيرة العنف في تعز ومأرب والجوف وحجة وعلى المناطق الحدودية مع المملكة العربية السعودية حيث زادت الهجمات بالصواريخ البالستية من حيث الكم والمدى. وما هو في قمة الخطورة أيضا استهداف منطقة مكة المكرمة بصاروخ بالستي وهذا يعتبر تطورا خطيرا يؤثر على مجرى الحرب ويمس مشاعر ما يزيد عن مليار ونصف مسلم في العالم.

كما أشير إلى استهداف السفن التي تبحر على مقربة من الساحل اليمني بالقصف من مواقع تابعة لسيطرة أنصار الله بحسب التقارير. فقد تم التعرض لسفينة تابعة للإمارات العربية المتحدة في مضيق باب المندب. وكذلك تعرضت مدمرات أمريكية للقصف المباشر بينما كانت تبحر في المياة الدولية قبالة سواحل اليمن، وردت بقصف على مواقع رادار تابعة لأنصار الله. إن تكرار مثل هذه الحوادث مؤشر خطير قد يؤدي إلى تصعيد حاد للقتال وتهديد أمن حركة الملاحة العالمية. وفي هذا السياق أسجل شكري لمجلس الأمن على دعوته في 4 أكتوبر للوقف الفوري لهذه الهجمات.

أما في جنوب اليمن، فقد استمرت تنظيمات القاعدة في شبه الجزيرة العربية وما يسمى بالدولة الإسلامية (“داعش”) في شن الهجمات على مؤسسات الدولة واستهداف المدنيين. ففي عدن، قام انتحاري بتفجير نفسه في الأول من أكتوبر مما أدى إلى قتل مدني وجرح ثلاثة آخرين. كما اعتدى مسلحون تابعون لداعش على ضابط مخابرات متقاعد ومسؤول أمني في 29 و30 سبتمبر. وفي المقابل، في سياق جهود مكافحة الإرهاب قامت قوى الأمن اليمنية باستهداف منزل قيادي في صفوف تنظيم داعش وصادرت مجموعة كبيرة من الأسلحة والمتفجرات. وفي أبين تمكنت قوى مكافحة الارهاب من قتل ثلاثة أشخاص بينهم قيادي في تنظيم القاعدة وإلقاء القبض على اثنين آخرين.

سيدي الرئيس،

إن التصعيد العسكري المستمر إنما يزيد من تفاقم الوضع الانساني الذي كان كارثياً في الأساس، ويستدعي اهتماماً أكبر بكثير من المجتمع الدولي. إن السلطات المحلية في اليمن عاجزة عن تأمين الخدمات الأساسية للشعب. من المفجع أن القطاع الصحي على وجه الخصوص من أكثر القطاعات تضرراً، حيث أن 45 % فقط من المراكز الاستشفائية قادرة على العمل. وبالإضافة إلى صعوبة تأمين العلاج داخل البلاد فإن اليمنيين غير قادرون على السفر للعلاج بحكم منع الطائرات التجارية من صنعاء. وفي هذا السياق أطالب بإعادة حركة الملاحة الجوية التجارية إلى العمل فوراً واستئناف الرحلات التجارية من وإلى صنعاء دون المزيد من التأخير. كذلك أطالب الحوثيين والمؤتمر الشعبي العام بتأمين حرية الحركة دون عوائق للعاملين الإنسانيين حتى يتمكنوا من إيصال المساعدات إلى جميع من هم بحاجة اليها دون أية ضغوطات أو تبريرات. وسوف يوافيكم الزميلين ستيفن أوبراين وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الانسانية ومهند هادي المدير الإقليمي لبرنامج الأغذية العالمي في الشرق الأوسط وشمال افرقيا بإحاطة أوسع وأشمل عن الوضع الإنساني في البلاد وجهود الأمم المتحدة في توفير المساعدات اللازمة.

كما تجدر الاشارة إلى أن تدهور الوضع الاقتصادي يهدد بخلق أزمة إنسانية أكبر بكثير إن لم تتخذ خطوات صارمة وبأسرع وقت لإنقاذ ما يمكن إنقاذه. لقد توقف بالفعل صرف الرواتب لمعظم العاملين في القطاع العام. كانت هذه الرواتب مصدر الدخل الوحيد للعديد من العائلات اليمنية، وأخشى إنه إن لم يتم صرفها بأسرع وقت ممكن سيواجه المزيد من اليمنيين الفقر المدقع ويضطرون إلى الاعتماد على المساعدات الإنسانية بشكل أساسي للبقاء على قيد الحياة. لابد من التوصل إلى التزام جاد من جميع الأطراف بما فيها الحكومة اليمنية وأنصار الله والمؤتمر الشعبي العام بالتعاون لتمكين البنك المركزي من مواصلة مهامه وتأمين صرف الرواتب بأسرع وقت ممكن في كافة أنحاء البلاد.

سيدي الرئيس،

بالرغم من مطالبات المجتمع الدولي للأطراف اليمنية بالالتزام الكامل بمسار السلام، لقد استمرت الأطراف في اتخاذ قرارات أحادية من شأنها أن تهدد هذا المسار. ففي الثاني من أكتوبر طلب المجلس السياسي الأعلى الذي شكله أنصار الله والمؤتمر الشعبي العام من محافظ عدن السابق تشكيل حكومة جديدة. وأضاف قرار الرئيس هادي بنقل البنك المركزي إلى عدن المزيد من الشك حول الوضع الاقتصادي في مرحلة هي أجدر باتخاذ كافة الإجراءات الممكنة لإنقاذه. كما أشار رئيس الحكومة أحمد بن دغر عبر وسائل التواصل الاجتماعي إلى خطط لاجتماع الهيئة الوطنية من أجل التصديق على مسودة الدستور. أحث الأطراف، مرة أخرى، على الامتناع عن اتخاذ أية قرارات أحادية من شأنها أن تعرقل الخيار السلمي وتجعل عودتهم إلى طاولة المفاوضات لإعادة اليمن إلى مسار السلام أكثر تعقيداً.

لقد أجريت خلال الأسابيع الماضية مشاورات مكثفة مع الفرقاء اليمنيين والمجتمع الدولي وقدمت للأطراف خارطة عمل لإنهاء النزاع تتماشى مع قرار مجلس الأمن 2216 والقرارات ذات الصلة، ومبادرة مجلس التعاون الخليجي وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني. تشمل خارطة الطريق سلسلة إجراءات أمنية وسياسية متسلسلة ومتوازية من شأنها أن تساعد على إعادة اليمن للسلام وللانتقال السياسي المنظم.

ترتكز خارطة الطريق على إنشاء لجان عسكرية وأمنية تشرف على الانسحابات وتسليم الأسلحة في صنعاء والحديدة وتعز، كما ستعنى هذه اللجان بمهمة ضمان إنهاء العنف العسكري والإشراف على سلامة وأمن المواطنين ومؤسسات الدولة. تتطرق الخارطة كذلك إلى مجموعة إجراءات سياسية انتقالية تشمل مؤسسة الرئاسة بما في ذلك تعيين نائب رئيس جديد وتشكيل حكومة وفاق وطني لقيادة المرحلة الانتقالية والإشراف على استئناف الحوار السياسي وإكمال المسار الدستوري ومن ثم إجراء الانتخابات. ما بلغني حتى الآن بطرق غير رسمية يشير إلى رفض الأطراف لخارطة الطريق، وهذا دليل على عجز النخبة السياسية في اليمن عن تجاوز خلافاتها وتغليب المصلحة العامة على المصالح الشخصية. لقد حان الوقت لكي يدرك الأطراف أن ما من سلام دون تنازلات وما من أمن دون اتفاقات، ويجدر بهم الاحتكام إلى ما يضمن الأمن والاستقرار لليمنيين.

سيدي الرئيس،

سوف أعود الى المنطقة بعد هذه الاحاطة لاستئناف المشاورات مع الأطراف في صنعاء والرياض بهدف التوصل إلى اتفاق سياسي مفصل بناء على خارطة الطريق. والكرة الآن في ملعب الأطراف اليمنية واستعدادها لإعطاء الأولوية للسلام والاستقرار. إن هذه الخارطة تشكل مع كل ما تم الاتفاق عليه في الكويت نواة حل شامل وعملي ممكن التوصل إليه قريبا في حال تصرف الفرقاء بحسن نية ووعي سياسي ووطني.

أود أن أسجل امتناني للمجتمع الدولي ودعمه المستمر لمقترح خارطة الطريق والاتفاق الشامل، بالإضافة إلى دعمه لدعوات وقف الأعمال القتالية. إن الاجتماعات الرباعية لوزراء خارجية الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة في جدة ونيويورك ولندن رسخت هذه الجهود، ولا شك أن دعم نظرائهم من باقي دول مجلس التعاون الخليجي كان جوهريا في هذا السياق. وأشكر كذلك وزراء خارجية سلطنة عمان وفرنسا ومصر والكويت وقطر والبحرين ونائب وزير خارجية الاتحاد الروسي على دعمهم لذات الرسائل. كما أشكر أعضاء مجلس الأمن على دعمهم المستمر لجهود إحلال السلام في اليمن.

سيدي الرئيس،

ثمانية عشر شهر من الحرب والقتال، آلاف القتلى والجرحى، عجز اقتصادي ووضع إنساني لم يعد إنسانيا. نتساءل معكم: الى متى سيبقى اليمنيون رهينة قرارات سياسية شخصية وعشوائية وماذا ينتظر الأطراف للتوقيع على اتفاق سياسي سلمي وألم يفهم المعنيون بعد أن ما من رابح في الحروب؟

إن خارطة السلام التي عرضتها على اليمنيين حظت بتأييد قوي من المجتمع الدولي كونها توفر حلا كاملا وشاملا وفيها ما يضمن التمثيل السياسي لكل الفئات.

أتوجه اليوم بطلب محدد من كافة أعضاء مجلس الأمن الموقر: الدعم الكامل لخطة السلام والتشديد على الوقف الفوري للأعمال القتالية والإفراج عن كافة الأسرى والمعتقلين. ولليمنيين اليوم أقول أن فجر السلام قد يكون قريبا في حال قرر المسؤولون تغليب المصلحة الوطنية والعمل على بناء دولة مستقرة تضمن حقوق كل أبنائها دون أي تمييز .

شكراً.

اخبار 24

شاهد أيضاً

عبدالملك يأمر بتشكيل لجنة تحقيق عاجلة للكشف عمن قام بافشاء هذا السر الخطير

المستقبل – خاص كشفت مصادر حكومية مطلعة، أن رئيس الوزراء الدكتور معين عبدالملك، أمر بتشكيل ...