عباس الديلمي
ببراءته وما تبدو عليه من بساطه سألني بصوت يمازجه الحزن: هل تكن لنا امريكا كل هذا الحقد, وتلحق بنا كل هذا الدمار والقتل لأننا رفعنا شعاراً يقول: الموت لأمريكا؟! اجبته بالقول ليس هذا هو السبب, بل هناك أسباب أخرى والموت بمعناه الشائع, لا يخيف ولا يزعج امريكا, بل يسعدها ان لم نقل انها تتبناه وتصنعه وتعتمد عليه, ولولا الموت لما كانت امريكا بهذه القوة والغطرسة والنفوذ والتقدم الاقتصادي, وامريكا كما تبدي وتزايد بأهمية الحياة والنماء فإن الموت عندها له نفس الأهمية أو الأهمية نفسها.
طلب مني مزيداً من الإيضاح فقلت له, بالموت الذي أحدثه السلاح النووي الامريكي في هيروشيما ونكازاكي في اليابان, اكتسبت امريكا قوتها ونفوذها, وبالموت الذي تسببت به أمريكا في فيتنام وكمبوديا وكوبا وغيرها من بقاع الارض التي صدرت الموت إليها سابقاً اكتسبت نفوذاً وإزدهاراً اقتصادياً دعامته الاساسية صناعة السلاح أو صناعة الموت.
وبالموت الذي اوجدته امريكا عبر عملائها السابقين واللاحقين وبإيجادها لقوى التطرف والتكفير بحجة مواجهة المعسكر الاشتراكي أو الاتحاد السوفياتي انطلاقاً من افغانستان حققت امريكا مآربها السياسية والاقتصادية التي عادت عليها بالمكاسب.
وبالموت الذي زرعته بعد أن صدرته إلى دول عدة منها اليمن وسورية والعراق وليبيا تمكنت من أن تجني ارباحاً مختلفة سياسياً واقتصادياً وعسكرياً..فلولا الموت لما احرزت هذا التواجد العسكري المباشر خاصة في سوريا والعراق واليمن وليبيا, ولما كان لها هذا النفوذ السياسي والهيمنة على أموال النفط, ولما تمكنت من الاعلان عن هدف صهيوني عالمي تحت مسمى “صفقة العصر” والناتو العربي أو “الناتو السني اسرائيلي”.. إلخ.
الموت عند امريكا هو ازدهار اقتصادي خاصة في مجال صناعة الاسلحة وهو نفوذ وهيمنة مباشرة, وهو إملاءات وتركيع لمن لا ترضى عنه, ولولا الموت لما كانت امريكا بهذه القوة والنفوذ والاستيلاء على الثروات..إلخ.
باختصار الموت بقتل البشر دون تمييز هو بالنسبة لامريكا اشبه بالقرابين البشرية التي كانت تقدمها الديانات القديمة قرباناً وتوسلا للحصول على خيرات الأرض والسماء أو درءاً للمحن والمصائب, أو جلباً للسعد والاستقرار.. فأمريكا ترى في من يموتون من الناس بأسلحتها أو بأيدي منظماتها الارهابية والتكفيرية التي تقتل من أجل امريكا وتبرر وتواجد امريكا بحجة محاربة الارهاب قرابينها البشرية لجلب الخير على امريكا سياسيا واقتصادياً, وما يخدم اصدقاءها وعملاءها.
لو تخلت امريكا عن الموت لفقدت نصف قوتها دفعة واحدة وفي عام واحد فهي القوة القائمة على الموت الجماعي والفردي.. ومن المفترض وإن من باب الدعابة ألا تغضب امريكا ممن يتمنى أو يطلب لها الموت, وامريكا تحاربنا بكل هذا الحقد لأننا نريد امتلاك سيادتنا وقرارنا الحر ولاننا نرفض الهيمنة والوصاية.