حذر تقرير اقتصادي حديث حصل عليه “المستقبل” من خطورة وجود جيوب لحالات انعدام الأمن الغذائي وسوء تغذية الحاد في بعض مديريات محافظة الحديدة وبالذات التحيتا والخوخة والمغلاف، والذي يمكن أن تقود إلى كارثة مجاعة قد تخلف آثارا رهيبة على الوضع الإنساني.
وأشار التقرير الى ان تتابع الازمات وطول امد العدوان السعودي الاماراتي على اليمن افقد سكان تهامة القدرة على الصمود، رغم تمتعهم بدرجة عالية من الصبر، واتسامهم ببساطة العيش والمسكن حيث تكافح كثير من الأسر للحصول على الدخل اليومي لتأمين احتياجاتها الغذائية اليومية، في اشارة إلى الآثار التي خلفتها كثافة الغارات التي يشنها تحالف العدوان السعودي على قوارب الصيادين والمزارع التي تعيش منها أكثر العائلات القاطنة في هذه المناطق فضلا عن الآثار الكارثية التي خلفها منع البوارج الحربية لتحالف العدوان السعودي عشرات الآلاف من الصيادين من سكان هذه المناطق ممارسة اعمالهم في الاصطياد السمكي.
وعزا تقرير المستجدات الاقتصادية والاجتماعية في اليمن لشهر اكتوبر 2016م، أسباب انعدام الامن الغذائي وسوء التغذية الحاد في الحديدة، إلى عدة عوامل أبرزها توقف إعانات صندوق الرعاية الاجتماعية منذ بداية 2015 والتي تغطي 144,143حالة في الحديدة بمبلغ ربعي 2.1 مليار ريال (تعادل 8.2 مليون دولار)، إضافة إلى تعطل مصدر الدخل الرئيسي لسكان المديريات الساحلية المعتمدين على صيد الأسماك، فضلا عن نفاد المدخرات وانتشار الأمية والفقر.
وأظهر التقرير، الصادر عن وزارة التخطيط والتعاون الدولي، ان معدل انتشار سوء التغذية الحاد بين الاطفال تحت سن الخامسة ارتفع من 18% في أبريل 2014 إلى 31% في أغسطس 2015، والذي يتجاوز اكثر من ضعف عتبة الطوارئ التي تحددها منظمة الصحة العالمية عند 15%.
وأضاف ” في أكتوبر 2016، أشارت التقديرات الأولية لمجموعة التغذية إلى احتياج 718,287 من الأطفال والأمهات في الحديدة إلى علاج سوء التغذية أو خدمات الوقاية منه، ويشكلون 16.1% من إجمالي المحتاجين الى مساعدة إنسانية عاجلة لمواجهة سوء التغذية في اليمن”.
ونقل التقرير صورة حية للمعاناة، حيث كشف فريق كبار موظفي برنامج الغذاء العالمي الذي زار مؤخرا أحياء فقيرة في محافظة الحديدة عن وجود وضعا مأساويا للغاية، وشاهد خلال زيارته المستشفيات ومراكز التغذية والصحة العديد من حالات الاطفال المصابين بسوء التغذية القادمين من المناطق النائية.
وتحدث الفريق الى الاسر، حيث قالت إحسان، وهي أم تبلغ من العمر 26 عاما “اقترضت المال من جيراني وأسرتي من أجل نقل ابني من مديرية التحيتا إلى المستشفى هنا في الحديدة للحصول على علاج لسوء التغذية”.
وأضافت ” أنا أرضعه لكنه يفقد المزيد من الوزن كل يوم، وقلما يكون لدي غذاء لإطعام أطفالي”.
وشدد التقرير، على توسيع تدخلات التغذية مع التركيز على مناطق تهامة، من خلال أولويات عاجلة ابرزها زيادة حملات الفرق المتنقلة لتقديم حزمة خدمات الصحة والتغذية المتكاملة إلى السكان الذين يصعب الوصول إليهم والنازحين، و تقديم حزمة تدخلات قطاعية متكاملة، بما فيها المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية والتعليم والصحة والممارسات السليمة لتغذية الأطفال، في مناطق تهامة الاكثر تاثرا بسوء التغذية.
وأكد على إعطاء أولوية لتقديم المكملات الغذائية للأطفال في عمر 24-6 شهرا والامهات الحوامل والمرضعات، وفتح المراكز الصحية المغلقة لمعالجة الأطفال المصابين بسوء التغذية، وتوسيع تغطية برامج التغذية الموجودة حاليا مع إعطاء الأولوية لمناطق تركز سوء التغذية في تهامة.
وتعتبر الحديدة ثاني أكبر محافظات اليمن سكانا حيث يقدر سكانها بـ 3.1 مليون نسمة عام 2016، يشكلون 11.5% من إجمالي السكان.