2024/05/10 4:21:17 صباحًا
الرئيسية >> الأخبار >> اليمن >> مفاوضات الكويت .. هدنة متاحة وتسوية بعيدة عن الانجاز

مفاوضات الكويت .. هدنة متاحة وتسوية بعيدة عن الانجاز

 

وفقاً للمؤشرات التي خرجت من مقدمات ولقاءات التفاوض في الكويت بين طرفي الأزمة اليمنية, يبدو المستقبل اليمني مرسوماً في إطار صورة مركبة من هدنة متاحة في الواقع وقابلة للاستمرار, ومن تسوية لن تكون ممكنة إلا في وقت سيطول كثيراً في دهاليز مفاوضات محكومة بتعقيدات الحروب ومهاترات أطرافها, وتدخلات قوى الخارج من الاقليم إلى المجتمع الدولي.

لن يكون متاحاً لوفدي التفاوض في الكويت, ولا للرعاية الأممية التوصل سريعاً إلى وقف شامل ودائم للإقتتال الداخلي والعدوان الخارجي, لأسباب عدة سنشير إلى أهمها لاحقاً, ويبدو من المؤشرات التي خرجت من لقاء الكويت, أن طرفي الأزمة والتفاوض, ومعهما المبعوث الأممي اسماعيل ولد الشيخ, يدركون هذه الحقيقة ومستعدين للتعامل معها وفق المتاح في الواقع من إمكانيات التوافق على هدنة مؤقتة للأعمال القتالية ومفتوحة على التجدد بعيداً عن تعقيدات الخلاف بين طرفي التفاوض على بقية ملفات الأزمة اليمنية.

لا يتضمن توافق الطرفين على وقف شامل ودائم للأعمال القتالية أية معوقات تحول دون انجازه في الأيام المحددة لمفاوضات الكويت, ولكن هذا التوافق مرهون بتعقيدات الخلاف بين الطرفين حول بقية ملفات التفاوض, سواء تلك التي حددها المبعوث الأممي في النقاط الخمس, أو تلك المتصلة بها والمترتبة عليها في نطاق واسع من التباين حول جوهرها وتفاصيلها بين الطرفين.

تبدو مسألة الضمانات المطلوبة لبناء جسور الثقة بين أطراف الأزمة اليمنية, أهم وأبرز العوامل التي تفرض على الطرفين التوافق على هدنة طويلة مفتوحة للتفاوض الذي ستأخذه العوائق إلى مسار متعثر ولكنه مستمر حتى يتوقف عند ميعاد مهما تأخر زمنه, فإنه سيصل بجميع الأطراف اليمنية إلى تسوية شاملة وكاملة سوف تكون حال انجازها منعطفاً تاريخياً شاملاً وكاملاً, في انتقالها باليمن, الأرض والانسان, إلى عهد جديد ووعد أكيد في مستقبل يمني مفتوح على السلام والنهوض الحضاري المعاصر.

وفي مسألة الضمانات المطلوبة لإرضاء جميع أطراف الأزمة تتصدر ضمانات الالتزام بالاتفاقات المبرمة بين طرفي التفاوض, والعمل بها وتنفيذها كما ينبغي, وكذلك الضمانات الأمنية المرضية لكل الأطراف والتي تمنح الجميع الثقة ببعضهم والأمن التام من أي تهديدات محتملة للوجود والحقوق المكفولة للجميع في الحاضر والمستقبل ضمن الإطار الوطني الجامع للشعب كله في دولة ونظام.

لا نقول هنا, إن التوصل إلى توافق وطني أو سياسي, دائم أو مرحلي حول هذه الضمانات مستحيل أو غير ممكن, ولكننا ندرك ما يسود الواقع المثقل بالعداوات والحروب, والمشحون بالكراهية والثارات , من وقائع معززة للمخاوف المتبادلة بين كل الأطراف, والشكوك السائدة بينها حول النوايا والمواقف, وهذه الوقائع معلنة وظاهرة في السائد من الخطاب العام المعبر عن مشاعر ومواقف كل طرف ضد الآخر, وخصوصاً ما يعبر منها عن نسق اقصائي وإلغائي متبادل بشدة بين جميع الأطراف, وضد بعضها, بما في ذلك الأطراف التي تأتلف معاً في تحالف معلن إما باسم تحالف الشرعية, أو باسم تحالف المؤتمر – أنصار الله.

تزداد قوة تأثير مسألة الضمانات على قضايا التفاوض ومساراتها, بفعل غياب المشروع الوطني الجامع والواضح في أطر سياسية منفصلة ومتكاملة, رغم كل ما يقال بصورة تمثل إلى حد ما إجماعا من كل أطراف الأزمة اليمنية على مخرجات الحوار الوطني, باعتبارها وثيقة الخروج باليمن من ويلات الاقتتال وكوارث العدوان, إلى شاطئ الشراكة والسلام, وعهد البناء والازدهار, ليمن جديد, ديمقراطي موحد.

هذا الغياب السياسي والنظري للمشروع الوطني, يباعد بين أطراف الأزمة, ويعمق خلافاتها ويحول دون تخلق رأي عام قادر على فرض إرادته في السلام والأمن والاستقرار, على جميع الأطراف.

ومع هذا, تبدو تناقضات التدخل الخارجي لقوى اقليمية ودولية عاملاً مؤثرا بقوة في التوقف بمفاوضات الكويت على الأقل في الوقت الراهن, عند هدنة متاحة ممكنة وحاضنتها المفاوضات التي قد تتعثر لكنه لن تتوقف إلا عند الوصول بجميع أطراف الأزمة إلى تسوية شاملة لكل قضايا الخلاف, وتداعيات صراعاتها التي انزلقت إلى اقتتال أهلي وعدوان خارجي, وفشلت في هذا المنزلق في حسم الخلاف بالقوة, وإن كانت قد نجحت في تكبيد اليمن, الأرض والانسان, الحاضر والمستقبل, خسائر فادحة. ومخاطر محدقة بالكيان الوطني في وجوده ومصيره ومقومات نمائه وازدهاره على موقعه في الجغرافيا وفي دوره من هذا الموقع في محيطه الخارجي.

لا تبدو الهدنة المتاحة للمفاوضات الجارية في الكويت توقعاً محصوراً على الاستقراء والتحليل, فهذه الهدنة حقيقة سياسية عبرت عنها مواقف الدول الكبرى في المجتمع الدولي, ودلت عليها التحركات الميدانية عبر لجان التهدئة  في جغرافيا الاقتتال, وأكدتها الوقائع المماثلة في المواقع الملتهبة بالوطن العربي, وخاصة في سوريا وليبيا, وهنا تمثل الهدنة المتاحة لليمنيين فرصة للخروج من ويلات الحروب أولاً, ثم البحث بعد ذلك عن السلام.

عبدالله محمد الدهمشي

اخبار 24

شاهد أيضاً

الهيئة العامة للزكاة تدشن مشروع السلال الغذائية النقدية لـ 6 آلاف جريح بقيمة 150 مليون

المستقبل نت: دشنت الهيئة العامة للزكاة الخميس بصنعاء، بالتنسيق مع مؤسسة الجرحى، مشروع توزيع السلال ...