2024/05/17 6:14:08 صباحًا
الرئيسية >> تيارات >> في النفق المظلم !!

في النفق المظلم !!

الحرب التي تطحن الامة في اقطارها العربية، هي التجلي الابرز للازمة التي يعيشها الفكر الاسلامي بشكله الكلاسيكي القديم.

ظلت جماعات الاسلام السياسي في حرب مع الحركات الوطنية التي تطرح مشاريع جديدة لانقاذ الامة من سطوة الاستبداد السياسي والديني، وعند وصول هذه الجماعات لم تستطع ان تقدم شيئا ينفع الناس، ولم تستطع ان تقدم مشروعا بديلا، وركنت الى تطبيق ما تسميه الحدود، وتجاوزت ذلك الى الذبح والقتل خارج الشرع والقانون.

لم تستطع هذه الجماعات حتى تقديم الاسلام بشكله المعتدل، واعتمدت على مقولات اشخاص كان نصيبهم من الثقافة الاسلامية من الضحالة، ولا تتعدى، بعض مسائل العبادات، دون الاطلاع على فقه الاسلاميين المتنورين واجتهاداتهم، فكانت المصيبة على الاسلام والمسلمين.

غلب على جماعات الاسلام السياسي جانب احادي الفكر دون الاخذ والمقارنة بأفكار فقهاء لهم باع في الاجتهاد مثل الشافعي والشاطبي، وابن مالك، وابو حنيفة النعمان، ومحمد حسين فضل الله، بل ان اغلب ناشطي هذه الجماعات لم يسمعوا بهؤلاء الفقهاء.

ان الفكر الاسلامي تبدو عليه علامات ازمة، ولا يمكن معالجة هذه الازمة الا بمزيد الاجتهاد والالتحاق بمنجزات العصر.

في التراث الاسلامي الكثير من الاستنارة، ابو حنيفة النعمان والشافعي متفقان حول تغير الاحكام بتغير الزمان والمكان.

فمثلا، ما كان صالح في عصر الخلافة لا يمكن ان يكون صالحا لنا اليوم، لان العصر تغير، وزادت تعقيدات الحياة باشكاليات جديدة.. وكما يصلح النقاب المفروض على المرأة في بعض بلدان الشرق، لا يمكن ان يصلح للمرأة في اروبا او امريكا.

شاهدت ذات مرة حوارا بين متطرف وبعض المسيحين في امريكا، قال فيه ان الله سماهم الكفار، فبماذا يدعوهم؟!

والحقيقة ان الله لم يسم المسيحيين واليهود كفارا بل سماهم اهل الكتاب، لكن هناك من يجادلون بغير علم، وغير اطلاع، فيصيبون الاسلام بمقتل.

الفكر الاسلام واسع جدا بحيث له القدرة على استيعاب كل الانجازات، وهو قادر حتى على المراجعات.

الانسان في الاسلام هو الاصل والاديان كل الاديان جاءت من اجله؛ فلا تقديم للنص على مصلحة الانسان، وقد فطن الى ذلك فقهاء الاسلام الأوائل مثل الإمام الشاطبي، الذي قدم اجتهادات في مقاصد الشريعة.

اما الامام الطوسي فقد كان واضحا في اجتهاده بالقول: اذا تعارض النص مع مصلحة المجتمع قدمنا مصلحة المجتمع على النص.

السيد محمد حسين فضل الله اطال الله في عمره قال: اذا تعارض الدين مع العلم فعلى الدين ان يراجع اوراقه.

اليوم نسمع من يقول نضحي بالوطن ما اجل الدين، وهذا منطق فيه الكثير من الاعوجاج، لان الذي ليس له وطن، لن يكون له دين، فالدين لا يوجد في الفراغ، بل في وطن، وقد رد على هؤلاء السيد الحبيب الجفري قائلا : ان هؤلاء لم يعرفوا حق الدين ولا حق الوطن.

اخبار 24

شاهد أيضاً

الفساد.. والإرادة السياسية (7)

أحمد يحيى الديلمي الفساد في مجال القضاء (ب) كان الشهيد المرحوم ابراهيم محمد الحمدي أول ...