المستقبل نت – خاص
كشفت وثيقة مسربة لــ “المستقبل نت” من رسالة عاجلة لجمعية البنوك اليمنية إلى المبعوث الأممي في اليمن “مارتن جريفيث” وضعته فيها على الصورة الحقيقية التي يعيشها القطاع البنكي والمصرفي اليمني جراء الانقسام المالي القائم بين صنعاء وعدن، مؤكدة فيها بضرورة توقف البنك المركزي بعدن عن تنفيذ السياسات والإجراءات التي تسبب الضرر الكبير للقطاع المصرفي، والاستعاضة عن ذلك بسياسات ذا طابع مهني، تلتزم الحياد والموضوعية في قرارتها وتعاملاتها مع البنوك، وتستهدف المصالح المشتركة لجميع مؤسسات القطاع المصرفي بعيداً عن أي تأثيرات سياسية أو مناطقية، الساعية لتعميق المعاناة الإنسانية التي يعيشها المواطن اليمني في مختلف محافظات الجمهورية دون استثناء”.
وأفصحت الوثيقة عن جملة من المخاطر المحدقة بالقطاع البنكي والمصرفي جراء استمرار الآلية التي اقرها بنك عدن المركزي بعد قرار نقله من صنعاء وهو ما سبب بآثار كارثية على القطاع البنكي والمصرفي وعرضته لخطر الانهيار الكامل للقطاع.
وأشارت الوثيقة إلى أن استمرار توجه البنك المركزي في عدن في تركيز تعاملاته واهتماماته على قطاع شركات الصرافة، على حساب القطاع المصرفي سيكون له آثاره العكسية على الاقتصاد الوطني ويعرض حياة الملايين من اليمنيين لخطر الموت.
وكشفت الوثيقة عن جمعية البنوك قولها: “إن استمرار بنك عدن المركزي تركيز عمليات المصارفة التي يقوم بها في السوق على نفس شركات الصرافة في مدينة عدن مستبعداً البنوك عن هذا النشاط الهام، هو تجاهل تام لدور القطاع المصرفي التقليدي في مجال استقرار سعر الصرف وفي خطوة إضافية لتهميش القطاع المصرفي وتفريغه من باقي وظائفه”،… “وهو ما اثر بشكل عام على عدم استقرار سعر العملة المحلية “الريال” في السوق، وما تبعه من ارتفاع اسعار المواد والسلع الاستهلاكية وغيرها من التبعات الكارثية على الاقتصاد اليمني”.
وتعرضت الوثيقة إلى مسألة اجراءات البنك المركزي بعدن وحصر تحويل أية مبالغ للمساعدات الإنسانية عليه فقط عوضاً عن الأسلوب الذي تم اتباعه في السنوات الماضية عبر عدد محدود من بنوك القطاع الخاص دون تدخل أي جهة حكومية، أمر بالغ الخطورة على الوضع الإنساني في جميع المحافظات وعلى الوضع الاقتصادي الهش أساساً، حيث أن آلية تغطية الاعتمادات المستندية التي أعلنها البنك المركزي في عدن لن يتمكن من تغطية سوى الجزء اليسير من مشتريات السلع الأساسية.
وأكدت الوثيقة المسربة لـ “جمعية البنوك” في رسالتها للمبعوث الأممي، قولها: على ” أنه ومن المفترض وحسب ما هو معمول به دولياً وفق النظام المالي وحسب قانون الاستثمار ووفق متطلبات عمل ونشاط القطاع البنكي التجاري أن تتولى البنوك التجارية تغطية الجزء الأكبر باعتمادها على مصادرها المباشرة من العملة الأجنبية.. مؤكدة إلى أن قرار البنك المركزي بعدن على حصر تحويل المساعدات الانسانية عليه فقط من شأنه أن يضع هذه المساعدات تحت دائرة التسييس لأموال المساعدات الدولية التي هي ذات الطابع الإنساني، إلى جانب عدم تحقيق أية منفعة اقتصادية أو تحسين لأسعار الصرف منها، فتحويل المساعدات لا يضيف شيئاً جديداً إلى إجمالي المعروض من العملة الصعبة، وإنما ينقل فقط جهة صرفها، كما سيضيف قيوداً جديدة على استخدامها ووصولها إلى الفئات المستهدفة بسهولة وشفافية تامة.
وأكدت الوثيقة على لسان جمعية النبوك اليمنية إلى أن استمرار البنك المركزي بعدن في اتخاذ مثل هذه قرارات تسبب بحرمان المراكز الرئيسية للبنوك التجارية في صنعاء من مصادرها الرئيسية للعملة الصعبة، ما نتج عنه تزايد احتمالات عجزها عن تغطية متطلبات استيراد السلع الأساسية.
وتابعت الجمعية إلى أن قيام البنك المركزي بعدن بربط كافة عمليات استيراد السلع الأساسية وغير الأساسية به فقط كجهة متحكمة بمبالغ المساعدات، هو ما أثر على عمل البنوك التجارية وعدم قدرتها على تنفيذ تعاملاتها بسهولة نتيجة صعوبات لوجستية لديها وكذا استحالة تطبيق الاشتراطات الي وضعها على النبك المركزي بعدن على البنوك التجارية.
وأشارت الوثيقة إلى أن قيام البنك المركزي بعدن باشتراط ربط الوديعة السعودية بالنبك المركزي بعدن فقط تعيق وتمنع البنوك والتجار في صنعاء من الاستفادة منها، وينبغي على المساعدات الدولية الإنسانية أن تكون عاملاً مساعداً في تخفيف الآثار الإنسانية للحرب ومساهماً في الإبقاء على كينونة القطاع المصرفي اليمني من خلال تغذيته بجزء من احتياجاته من العملات الأجنبية.
كما حذرت الوثيقة من ارتفاع المخاطر الناتجة عن قيام الأمم المتحدة بفرز المبالغ الممولة من خطة الاستجابة الإنسانية بحسب الدولة المانحة بسبب اشتراطات بعض المانحين وفرض قيود جديدة على صرف هذه المبالغ وبما يعيق وصولها إلى الفئات المستهدفة، مؤكدة إلى أن الوديعة السعودية في بنك عدن المركزي خير مثال لذلك.
وشددت الجمعية على المبعوث الأممي على أهمية أن تضطلع الأمم المتحدة بمسؤوليتها في الحفاظ على سلامة القطاع المصرفي وتجنيبه الصراعات السياسية..
وأكدت الجمعية إلى أن القيادات المتعاقبة للبنك المركزي بعدن فشلت من تمكين البنوك من التصرف في أرصدتها ” أرصدة البنوك طرف البنك المركزي”، والتي يفترض أنها انتقلت مع قرار نقل البنك المركزي إلى عدن، وانتقلت إليه الأرصدة المتبقية من الاحتياطي بالعملتين المحلية والأجنبية، وهذا يشكل عبئاً اضافياً ومشكلة كبيرة أمام استمرار عمل ونشاط النبوك التجارية والقطاع البنكي والمصرفي في اليمن.
وأضافت: “بدلاً من قيام بنك عدن المركزي بمساعدة البنوك المملوكة للقطاع الخاص ومعالجة مشاكلها الجوهرية وإزالة ما يعيقها عن استعادة دورها الاقتصادي الحيوي، اقر بنك عدن المركزي خطوة اخرى على عكس المؤمل منه والمطلوب منه وهو ما مثل عقبة جديدة على كاهل القطاع المصرفي اليمني المثقل أساساً بالمشاكل”.
وحملت الوثيقة اجراءات نقل البنك المركزي إلى عدن مسؤولية تعرض القطاع البنكي والمصرفي لسلسلة من المعاناة وما تبعه من تفاقم أزمة السيولة النقدية في البلاد الذي نتج عنه صعوبة لدى البنوك القيام بمهامها بسلاسة وشكل عبئاً إضافياً ساهم في ضعف قدرة البنوك على مواجهة تداعيات الحرب على القطاع المصرفي واستمرارها.
وأكدت الوثيقة للمبعوث الأممي إلى أن البنوك التجارية في صنعاء خلال الفترة الماضية وحتى اللحظة قد وضعت نفسها على مسافة واحدة من قيادات البنك المركزي في صنعاء وعدن، ومع هذا استمرت ادارة بنك عدن المركزي بانتهاجها لسياسات نقدية ومصرفية لا تأخذ في الاعتبار تحقيق أهداف السياسات النقدية في البلاد أو الحفاظ على القطاع المصرفي اليمني، بل عكفت على إصدار تعليمات للبنوك التجارية تضيف المزيد من الأعباء والعراقيل والتعقيدات إلى بيئة العمل المصرفي، وهو ما تحتمه الضرورة بالتوقف عن تنفيذ السياسات والإجراءات التي تسبب الضرر الكبير للقطاع المصرفي، والاستعاضة عن ذلك بسياسات ذا طابع مهني، تلتزم الحياد والموضوعية في قرارتها وتعاملاتها مع البنوك، وتستهدف المصالح المشتركة لجميع مؤسسات القطاع المصرفي بعيداً عن أي تأثيرات سياسية أو مناطقية، والساعية لتعميق المعاناة الإنسانية التي يعيشها المواطن اليمني في مختلف محافظات الجمهورية دون استثناء”.