2024/04/26 6:12:15 صباحًا
الرئيسية >> أحدث الأخبار >> موقف تطبيعي لمغزى تضييعي

موقف تطبيعي لمغزى تضييعي

عبدالسلام التويتي 

 

إذا كانت ورشة المنامة الباعثة على الحسرة والندامة قد أماطت اللثام عن انبطاح الأنظمة العربية التي مدت للصهاينة يد الاستسلام، وأسفرت عن تعهدها المعلن بضخ عشرات المليارات لتنفيذ مشروع (صفقة القرن) التي ستفضي -إن كتب لها النجاح- إلى وأد آخر آمال الشعب العربي الفلسطيني، فإن هذه الورشة الهلامية -بما اتسمت به من الهيمنة الترامبية- قد عكست عراقة وتجذُّر علاقات تلك الأنظمة بالدولة العبرية.
بيد أن هذه الورشة -على الرغم من إحاطتها بقدر كبير من الإغراء- قد قُوطعت بشكلٍ لافت، كونها محطة تحضيريَّة لتنفيذ صفقة القرن الترامبية التي لم تحُز حتى رضا البلدان الأوروبية، بل إنها قد قوبلت بسخطٍ جماهيري عربي ينذر بإمكانية تفجر طوفان ثوري يعصف بالعروش ويجرف أصحاب الكروش في حال إقدام تلك الأنظمة المستسلمة على اتخاذ خطوات متقدمة لتنفيذ تلك الصفقة على أرض الواقع التي تعتبر آخر مسمار في نعش قضية المسلمين المحورية (القضية الفلسطينية).
وحتى يتمكن رؤوس هذه الأنظمة المطلقة الولاء لصهاينة الغرب من الاضطلاع بالدور المسند إليهم من ولي أمرهم (المعتوه ترامب) وهم في مأمن من ثوران بركان الجماهير العربية -ومن ضمنها جماهير شعوبهم- في وجوههم، لا بدّ لهم من اللجوء إلى تدبير مكائد غاية في النجاسة تعكس ما تنطوي عليه نفوسهم من الخساسة تخلق في وعي الجماهير العربية -وإن بصورة تدريجية- قلة أهمية القضية الفلسطينية وتصل بهم إلى مستوى من الاقتناع بعدم جدارة الشعب الفلسطيني المقاوم الوثاب -بعد ألصق فيه من تهمة الإرهاب- بامتلاك الأرض المباركة الحاوية مقدسات للثلاث الديانات السماوية.
وإن ما حدث- قبل أيام- من دخول الناشط الإعلامي السعودي المدعو (محمد سعود)- وهو في ضيافة اليهود- إلى باحات المسجد الأقصى بذريعة تأدية الصلاة، وتعمُّد إتاحة الفرصة- من قبل أمن صهيون- لعدد من الشباب المقدسيين الفلسطينيين ينهالون عليه بوابل من الزجر والتوبيخ والتفريع، كونه محسوبًا على رأس أنظمة التطبيع، بالإضافة إلى سماح السلطات الأمنية الصهيونية بتصوير المشهد وتسهيل تداوله بصورة عاجلة، إن ذلك كله لم يأت صدفة من الصدف بقدر ما هو عمل مدروس أريد له أن يوظف في تحقيق أكثر من هدف تصب جميعها في تسريع وتيرة التطبيع، وهذا كيد غفل عن مغزاه الجميع، وأنا -شخصياً- على ثقة تامَّة أن دخول هذا المُسَعْوَد المطبِّع إلى باحات الأقصى-بكل ما بدا عليه من سِيْمَا التنطُّع- كان يهدف وبامتياز إلى ما لوحظ من استفزاز لمشاعر المقدسيين الفلسطينيين واستدراجهم إلى إبداء ردود فعل غاضبة نحوه، بينما ظهر الصهاينة -وفق ذلك الترتيب المسبق- في موقف المدافع عن الحق.
وإمعانًا في تسييس موقف الشباب المقدسي العفوي، فقد تبنى مسؤولون صهاينة مواقف إدانة لما تعرض له -وفق توصيفهم- أحد ناشطي السلام-ممن اعتبروهم متطرفين فلسطينيين- من إيذاءٍ وإهانة.
ومن المؤكد أن الصهاينة هم من وثقوا ذلك المشهد بالصوت والصورة، ثم عملوا على توسيع نطاق نشره، ولعل القائمين على وسائل التواصل الاجتماعي -وهم إما يهود أو يدورون في فلك اليهود- قد عملوا على انتشاره في أوساط المجتمعات العربية بشكلٍ غير محدود بهدف إقناعها-زورًا وبهتانًا وظلما- بحقيقتين مكذوبتين هما:
١- أن الشعب الفلسطيني -بالاستناد إلى ذلك المشهد المتداول- شعب غجري بربري لا يتردد عن النيل من أي شخص دون الاكتراث بطبيعة مهمته وإن كان من أبناء أمته.
٢- أن شعب صهيون- بالنظر إلى الدفاع المتصنع عن ذلك المطبِّع- شعب معاصر حضاري يحترم المبادئ الأساسية من حقوق الإنسان، ويحول دون وقوع المظلمة على أيٍّ كان.
والمحصلة النهائية من هذه المسرحية الهزلية التي رتب لها في الكواليس الاستخباراتية الصهيوسعودية- ووقع في شراكها النجس شباب بيت المقدس- تهدف إلى إقناع الجماهير العربية بهمجية تصرفات وتعاملات الشخصية العربية الفلسطينية في مقابل إضفاء السمات المثالية على تصرفات وممارسة وسلوكيات الشخصية الصهيونية سعيًا إلى تهيئة النفوس للقبول بها والتعايش معها، بكل ما يترتب على ذلك من تسخير الواقع العربي للإسهام في تحقيق الحلم الصهيوني القائم على التحريف والتأويل (حدودك يا إسرائيل من الفرات إلى النيل)، فيكون العالم العربي قد أسهم إسهامًا فعليًّا بتضييع الحق العربي الفلسطيني تضييعاً نهائياً.
وما كان أحرى إخواننا الفلسطينيين الكرام بتجاهل ذلك السعودي العبودي وعدم إعارته أدنى اهتمام، أو الحيلولة دون تسرب ذلك المشهد إلى وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام.

اخبار 24

شاهد أيضاً

الهيئة العامة للزكاة تدشن مشروع السلال الغذائية النقدية لـ 6 آلاف جريح بقيمة 150 مليون

المستقبل نت: دشنت الهيئة العامة للزكاة الخميس بصنعاء، بالتنسيق مع مؤسسة الجرحى، مشروع توزيع السلال ...