2024/03/29 8:18:33 صباحًا
الرئيسية >> أحدث الأخبار >> الحشود اليمانية المليونية في ذكرى المولد النبوي الشريف.. يمنيون في طريق النصر

الحشود اليمانية المليونية في ذكرى المولد النبوي الشريف.. يمنيون في طريق النصر

عبدالقادر عثمان
اعتاد المسلمون في الـ 12 ربيع الأول من كل عام إحياء مولد خاتم الأنبياء والمرسلين “محمد صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله”، للتعبير عن حجم محبتهم لرسول الله واتباعهم له واحتفائهم باليوم الذي أشرقت أنواره فيه مخلِّصاً البشرية من الجهل والظلام وعبادة الأوثان ووأد الأطفال إلى النور بإذن ربه الواحد في علاه.
وحتى سنوات قليلة مضت كانت فعاليات الاحتفاء بالمولد النبوي الشريف – في اليمن على وجه التحديد – متواضعة جداً وتقتصر على المساجد في بعض المناطق ومنازل “الأشراف” (وهم من سلالة الحسن والحسين أبناء علي ابن أبي طالب وفاطمة بنت رسول الله عليهم السلام)، لكنّها تحولت إلى فعاليات جماهيرية كبرى يحتشد لها ملايين اليمنيين من مختلف فئاتهم العمرية وطبقاتهم المجتمعية، في ساحات وأماكن يتم اختيارها بناء على حجم التوقعات لعدد المشاركين.
تلك الفعاليات كان مصدرها شمالي اليمن وبالتحديد محافظة صعدة، إذ اعتاد الناس على إقامة الذكرى في ساحة مناسبة وسط المدينة، في الوقت الذي يبرز فيه علماء الوهّابية بكل ما أوتوا من وسائل التضليل والتحريف والتزوير لتحريم الاحتفاء بهذه المناسبة بحجة أنها “بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار”، وقد كرّسوا كل الجهود من أجل تغريب المجتمع وتشويه الصورة الحقيقية، حتى وصل الحال ببعض المناطق إلى معرفة يوم المولد النبوي في اليوم ذاته أو بعد يوم من مروره، وصار أي محب لرسول الله يتطرق إلى الاحتفال بذكرى ميلاد النبي، يهب له علماء السلطة المتصهينة ناصحين بترك ذلك.
في العام 2014م، دخلت مناسبة الاحتفال بالمولد النبوي مرحلة جديدة من التطور، أكثر إشراقة وجمالاً وأبهى صورة ومضموناً وصار اليمنيون يتلهفون لقدوم هذه المناسبة كأعظم مناسبة دينية تتناسب معها الفرحة بفضّل الله المتمثل في رسوله الكريم، وبعد أن كانت الحشود تقام في صعدة فقط أصبحت العاصمة اليمنية صنعاء تضم أكبر ساحة للاحتشاد، فيما احتضنت 11 محافظة يمنية 11 ساحة احتفال توافد إليها الملايين مبتهجين ومرددين أعذب الكلمات مدحاً وأرقهاً مناجاة وأبدعها وصفاً وعظمها حباً لرسول الله محمد.
جاءت انطلاقة الاحتشاد لهذه المناسبة متزامنة مع ثورة الـ 21 من سبتمبر 2014م، التي تمخّضت من معاناة شعب ليس مثله شعب يذود عن اسم ومنهج وسيرة وهدي رسول الله بنفسه وماله، لتكسر كل تابوهات الثقافة الدينية المغلوطة والتي جثمت على كاهل المسلمين مئات السنين.
يوم الأول من أمس السبت، أقام اليمنيون احتفالاً جماهيرياً واسعاً بالمولد النبوي هو الرابع منذ بدء العدوان الذي تقوده المملكة العربية السعودية، منبع الوهابية، على اليمن بمساندة أمريكية صهيونية، لفت الاحتفال أنظار العالم وتحدّثت عنه وسائل الإعلام الصهيونية قبل العالمية وتكلّل بخطاب ناري لقائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي.
حشود غفيرة تقاطرت من مختلف محافظات اليمن إلى 11 ساحة رئيسية أكبرها في ميدان السبعين وسط العاصمة صنعاء، بعد أن أقامه اليمنيون العام الماضي في خمس ساحات، وهي زيادة تدل دلالة واضحة على عظمة الشعب اليمني الذي لبى نداء أنصار رسول الله وآله وجاء مجدداً بيعته تحت قصف الطائرات والصواريخ الأمريكية على خطى من بايعه في مدينته من الأوس والخزرج.
إن إقامة هذه الفعالية في ظل الوضع الحالي لليمن من حرب وحصار لهو أكبر رسالة أوصلها أبناء اليمن إلى مختلف دول العالم، بأنهم كما ناصروا رسول الله ونشروا رسالته وكان لهم الدور الأكبر في صناعة الحضارة الإسلامية فإنهم اليوم متمسكون بهدي رسول الله والسير على خطاه ووفق منهجه وشريعته، في الوقت الذي يعلن فيه أعداء اليمن ولاءهم لأمريكا وإسرائيل.
ووجه اليمنيون رسائل عدة إلى العالم بأنه مهما اشتد الحصار والقتل والعبث بالاقتصاد اليمني، ومهما حاول المفترون الافتراء على الشعب اليمني فإنهم يمدون يد السلام انطلاقا من محبتهم لرسول الله الذي أرسل رحمة للعالمين، لكن السلام المنشود هو السلام المشرِّف والعادل، الذي يحفظ لليمن كرامته وأمنه واستقلاله ووحدة أراضيه، وهو في ذات الوقت مستعدّ للسير في اتجاه آخر إن اتجه المعتدون إليه، إذ لا يزالون حاضرين في متارسهم وسط جبهات القتال وما زالت أياديهم على الزناد، وأعدادهم في ازدياد وسلاحهم في تطور مستمر.
لقد جسّد الحضور الكبير مكانة النبي محمد، صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله، في قلوب اليمنيين، كما جسّد عظمة الشعب اليمني وقدرته على صناعة المستحيل والتعبير عن وجوده كأعرق شعب جاءت منه مختلف الشعوب العربية، ذلك الشعب الذي اعتادت وسائل الإعلام الصهيونية ووكلاؤها في الشرق الأوسط الحديث عنه على أساس مذهبي وعنصري وصنعت عنه صورة مزوّرة على أنه مليشيات متطرفة وأعدادها لا تتجاوز 5 % من اليمنيين، خرج في حشود مليونية ليقول كلمته بأنه حاضر رغم كل الجراح وصامد رغم بؤس الواقع الذي صنعه العدوان وثابت على مبدئه رغم تكالب الأعداء وشراستهم.
خرج الشعب اليمني لعبّر عن أعظم درجات الرقي المجتمعي متساوين في أماكنهم كيوم عرفة، لا فرق بين مسؤول وفلّاح وإعلامي وعامل نظافة وعالم دين وصاحب بسطة وأكاديمي وسائق دراجة نارية، كلهم يفترشون الأرض ويرددون نفس الهتافات ويمنحون الشمس أجسادهم الموهوبة فداء في محبة رسول الله، كما جسّد عظمة ومكانة المرأة في المشاركة الفاعلة بجانب الرجل في مشهد جمالي يعكس حالة الوعي الثقافي التي وصل إليها اليمن في إبراز دور المرأة بعيدا عن الثقافة المغلوطة عن المدنية والتحضّر، وقد بعثت اليمنيات بحضورهن رسالة عظيمة هي أنهن – على اختلاف أعمارهن وثقافاتهن – كيان واحد يقتفي أثر الرسول الأعظم.
لقد حضر اليمنيون رجالاً ونساء بعد استعداد كبير لهذا اليوم، ليقولوا لعدوهم إن أبناء اليمن مازالوا مرتبطين برسول الله، متمسكين بهديه، وأنه مهما زاد في عدوانه زادوا تمسكاً وارتباطاً وامتلأت نفوسهم شموخاً وعزة وثباتاً به، وقد جاؤوا من كل فج عميق مجددين موقفهم من العدوان وقدرتهم على الصمود حتى تحقيق النصر الذي وعد الله به عباده المؤمنين.
ورغم الحشود المليونية إلا أن اللجان المنظمة، التنظيمية منها والأمنية والطبية والإعلامية والخدمية، حققت نجاحاً مبهراً، إذ لم يفقد مواطن نقوده أو هاتفه ولم يداس على أحد كما يحصل في الفعاليات الدينية في البلدان الأخرى، ولم يتوقف الجميع عن الحركة من أجل تنظيم وترتيب الحشود والاهتمام بسلامتها وتأمينها، وهو نجاح يؤكد أن اليمن تمضي في الطريق إلى الدولة المدنية الحديثة والعادلة المنشودة.

اخبار 24

شاهد أيضاً

الهيئة العامة للزكاة تدشن مشروع السلال الغذائية النقدية لـ 6 آلاف جريح بقيمة 150 مليون

المستقبل نت: دشنت الهيئة العامة للزكاة الخميس بصنعاء، بالتنسيق مع مؤسسة الجرحى، مشروع توزيع السلال ...