2024/04/25 11:32:26 صباحًا
الرئيسية >> تيارات >> إيران تحشد ضد إسرائيل.. والعرب يحشدون ضدها

إيران تحشد ضد إسرائيل.. والعرب يحشدون ضدها

صالح القزويني *
لا أدري هل تزامن عقد قمم مكة المكرمة مع يوم القدس العالمي وقع محض صدفة، أم أن إرادة الله شاءت أن تعرف الشعوب العربية والإسلامية وأحرار العالم من هو الذي يدافع بشكل حقيقي عن القدس والقضية الفلسطينية.
ففي الوقت الذي تسعى فيه قمم مكة الى تحشيد الحكومات العربية والإسلامية ضد إيران، فإن طهران تبذل كل ما في وسعها من أجل إحياء يوم القدس العالمي في معظم دول العالم وأن لا يقتصر إحياؤه على إيران وإنما تشهد أغلب دول العالم مسيرات وفعاليات يوم القدس العالمي، وهذا ما حدث.
الهدف الرئيسي من تبني إيران يوم القدس العالمي هو أن تبقى هذه القضية حية في نفوس العرب والمسلمين وأحرار العالم، وأن يلتفت الجميع الى الجريمة التي نفذها الغرب بدعمه لإسرائيل لاحتلال فلسطين وأن لا ينخدعوا بمؤامراتهم، فضلا عن الجرائم التي ترتكبها قوات الاحتلال ضد الفلسطينيين، ومع أن المسيرات كانت في البداية تقتصر على المدن الإيرانية، ولكنها شيئا فشيئا بدأت تتوسع، حتى أن عشرات البلدان العربية والإسلامية والأوروبية شهدت مسيرات يوم القدس العالمي، كما تقام احتفاليات بهذه المناسبة في دول أخرى.
قمم مكة تحقق بالضبط ما تريده إسرائيل، وهو توجيه الأنظار الى عدو وهمي هو “إيران” لكي لا يلتفت العرب والمسلمون إلى قضيتهم الأولى وما ترتكبه قوات الاحتلال من جرائم ضد الفلسطينيين، وكذلك لتمرير ما تسمى بـ”صفقة القرن” دون ظهور أي معارض لها، خاصة أن الذين من المفترض أن يعترضوا على هذه الصفقة منشغلون بقضايا أخرى.
ما يدعونا إلى التشكيك بوجود تعاون وثيق بين الدائرة المصغرة للقائمين على قمم مكة المكرمة وبين إسرائيل هو استهداف إيران، فلو بحثنا عن الأسباب الحقيقية وراء المشاكل والتهديدات والضغوطات والعقوبات والمؤامرات التي تتعرض لها إيران منذ تأسيس جمهوريتها وحتى اليوم لرأينا أنها مرتبطة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة بموقفها من إسرائيل.
لو كانت إيران قد ركبت قطار التطبيع مع اسرائيل كأغلب الدول العربية والإسلامية، لما كانت اليوم تعاني من الضغوط والتهديدات والعقوبات، بل لسمح لها الغرب بامتلاك الأسلحة النووية وسمح لها بتزعم دول المنطقة كما كان الشاه، ولما شنَّ النظام العراقي السابق الحرب ضدها، ولما تطاولت أصغر الدول عليها وأساءت إليها.
ربما نتفهم الصمت الذي تلوذ به بعض الدول العربية والإسلامية تجاه إسرائيل، فهي تتذرع بتخليها عن مسؤولية الدفاع عن القضية الفلسطينية بأنه لا يمكنها مواجهة ضغوط الدول الغربية الداعمة لاسرائيل، ولكن ما لا نفهمه هو أن البعض الآخر من الدول العربية شهر سيفه ضد أي دولة أو كيان أو جماعة تتصدى لاسرائيل في الوقت الذي كان بإمكان هذه الدول التزام الصمت تجاه المقاومين والمعارضين لاسرائيل كسائر الصامتين، ألا يدل ذلك على أن العلاقة بين هذه الدول وإسرائيل تجاوزت مرحلة التطبيع ووصلت إلى حد التعاون الوثيق بين الجانبين؟
التفجيرات التي تعرضت لها الناقلات في الفجيرة، وقصف أنبوب النفط السعودي والتدخل في الشؤون الداخلية، كلها ذرائع لتوجيه السهام لإيران والنيل منها وممارسة الضغط عليها، وهذه الذرائع لا تختلف عن الذريعة الأميركية “البرنامج النووي الإيراني” فالهدف الرئيسي هو أن تتخلى إيران عن موقفها تجاه اسرائيل ودعمها لفصائل المقاومة الفلسطينية وحزب الله اللبناني.
لو كان القائمون على قمم مكة المكرمة صادقين في زعمهم بأن ايران تتدخل في شؤون دول المنطقة، ويشعرون بقلق شديد مما يسموه بالنفوذ والخطر الايراني لتلقفوا المبادرة التي قدمها وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف خلال زيارته بغداد السبت الماضي، فقد دعا دول المنطقة الى التوقيع على اتفاقية عدم التعرض والاعتداء، غير أنه مضت عدة أيام على طرح هذه المبادرة ولم ترحب أية دولة بها، ألا يشير ذلك إلى أن ما تتحدث به هذه الدول عن التدخل الإيراني مجرد مزاعم لا واقع لها؟ فلو كانت حقيقية لقامت بتحديد الموارد التي تزعم أن إيران تتدخل عبرها وتطالبها بالتوقيع عليها وإلزامها بها.
في الوقت الذي تزعم فيه بعض الدول بتدخل إيران في شؤون المنطقة، فهناك العشرات بل المئات من الأدلة والبراهين والوثائق التي تشير الى تدخل هذه الدول في الشأن الإيراني والتآمر على إيران والتحريض ضدها، لذلك عندما لا ترحب هذه الدول بمبادرة ظريف فهذا يعني أنها تخشى من أن تلزمها الاتفاقية بعدم التدخل والتآمر والتحريض.
* كاتب إيراني ـ عن “رأي اليوم”

اخبار 24

شاهد أيضاً

الفساد.. والإرادة السياسية (7)

أحمد يحيى الديلمي الفساد في مجال القضاء (ب) كان الشهيد المرحوم ابراهيم محمد الحمدي أول ...