2024/04/20 1:10:34 مساءً
الرئيسية >> تيارات >> صعدة.. مظلومية الماضي وإشراقة المستقبل

صعدة.. مظلومية الماضي وإشراقة المستقبل

صالح الكثيري

سنوات الحرمان وشبح المحسوبية والنفوذ ؛غياب الدور وتجاهل المكانة ؛التعتيم الإعلامي وغموض الصورة والمشهد.. صعدة سنوات الضياع تفاصيل يرسم ملامحها الألم والمعاناة، إنها صعدة وما أدراك ما صعدة.. صعدة التاريخ والمستقبل الآتي.
منذ فجر الثورة السبتمبرية 1962م وهذه المحافظة عرضة للتهميش وللمظلومية، بكل فئاتها في كل تشكيلة من تشكيلات الحكومة المتعاقبة منذ ذلك التاريخ لم نجد اسما واحدا أو وزيرا أو مسؤولا كبيراً في الدولة من هذه المحافظة ربما يستكثرون عليها وكيل وزارة أو منصب محافظ حتى ”
يتعمدون إيذاءها بشكل أو بآخر وغالبا ما تعامل باستثنائية سياسية، لأنها خارج كل الحسابات، فقط هم جزء من اليمن الجمهوري لما تشكله من موقع استراتيجي ولما تشكله من رقم صعب بقبائلها ورجالها وببساتينها المثمرة بشتى أنواع الفاكهة التي تغذي أسواق الجمهورية بأجود منتجاتها الزراعية.
لكن السؤال الذي يفرض نفسه ويحتار الكثيرون في الإجابة عليه هو: لماذا صعدة ؟يخشونها، يتجاهلونها، يسخرون منها، ماهي العقدة التي كانت تسبب لهم!
وحين نبحث عن إجابة شافية لكل هذه الأسئلة نجد صعدة مدينة السلام ومدينة الحب والحرب منار الهدي ومقصد العلماء صوت الحرية والشموخ والإباء في عصر الذلة والانحطاط، هذه هي صعدة !!
بلاد لا يجوع فيها أحد، تماسك اجتماعي وديني وقبلي، ملاذ لكل الزائرين والوافدين، أينما حطت رحالك يستقبلك أبناؤها بالترحاب وبالكرم العربي الأصيل ؛
هذه المحافظة، طالما تجاهلها الساسة وأرباب الحكم يخشون من تمكين أبناءها من الوظائف العامة والمهمة في مفاصل الدولة ويسعون لعدم تمكينهم من ذلك، لأنهم يعرفون أبناء هذه المحافظة وذكاءهم الفطري وإخلاصهم للوطن وعدم الارتهان لأحد ولا يسكتون عن الظلم والباطل، أصواتهم عالية دائما في وجه الباطل ومن يسوق اليه.
صعدة ؛ انجبت كبار العلماء واحتوت كل الطالبين للعلم من مختلف محافظات الوطن، يستمدون قوتهم من القرآن الكريم وتعاليمه ويتواصون بالحق والبر والاستقامة في زمن يلهث فيه الكثير من علماء البلاط والسلطة لاحتلال مكانة مرموقة في حاشية القادة والحكام.
لم تغرهم المناصب ولم تكن مطلبهم يوما، حرموا من أبسط الحقوق المكفولة للمواطن اليمني ؛لكنهم لا يتوسلون ولا يفرطون في كرامة ؛لأنهم يعلمون ما هو المطلوب منهم مقابل ذلك السكوت والخضوع والتبعية والتصفيق والتطبيل للسلطة وزبانيتها ؛
هناك الكثير من أبناء الوطن ظل مخدوعا بما يشاع وبما يحكي عن أبناء هذه المحافظة وأهلها دون أن يزورها أو يستمع لأحد أبنائها، لكن فقط يحكم عليها من خلال ما يروج له المتربصون بها والحاقدون عليها وعلى أبنائها.
صعدة، لقد ظلمت كثيراً وذاق أهلها شتى أنواع التهميش والحرمان بسبب الازدراء والنظرة القاتمة التي انطبعت في أذهان البسطاء من أبناء هذا الوطن.
لكن؟ هل سأل أحدهم نفسه يوما: لماذا!!قبل أن تثبت صعدة للعالم أنها جزء من الوطن اليمني الغالي وفي طليعة أبناء الشعب في الدفاع عنه وعن كرامته وعن سيادته واستقلاله والانفراد بالرأي والقرار فيه دون التبعية والارتهان لأحد مهما كانت قوته وجبروته.
الكثيرون ظلوا مخدوعين عن صعدة ولم يستطيعوا أن يعرفوا صعدة إلا بعد أن اقتربوا منها وزاروها وتعرفوا على مناطقها ورجالها ومثقفيها وعلمائها عندها عرفوا كيف اطلقوا عليها الأحكام المسبقة وظلموها بتلك الصورة التي انطبعت في مخيلاتهم وفقا لما يشيعه السياسيون والحاقدون عليها، أما من يعرف ما معنى السيادة والكرامة والشموخ فأنه يبعث تحية وسلام لكل رجالها الشرفاء والمخلصين لهذا الوطن.
صعدة.. صمود واستبسال رغم الجراح والمعاناة طيلة الأعوام الأربعة من بدء العدوان الغاشم وقبله الحروب الست عليها وعلى أبنائها.
كل حجرة فيها وكل زاوية وتحت كل شجرة تروي لك حكاية بطل من أبطالها صارع الموت من أجل أن يرى وطنه شامخا وبخير.
أطفالها صغارها، شعلة متقدة من الحماس والمثابرة لا ترعبهم أصوات الطائرات ولا تساقط القنابل والصواريخ في عيونهم لهفة للاطلاع وشوقاً للمعرفة وكأنهم يقولون نحن هنا لاشيء يمكن له أن يثنينا أو يعرقلنا عن مواصلة تعليمنا وأخبار العالم عن صعدة ومظلومية صعدة وعن صمود أبطالها ونسائها وأطفالها كل طفل من هؤلاء البراعم يعلم جيشا كاملا عن الرجولة والصبر والثبات.
كل حارة أو عزلة أو قرية تستقبل شهيدا أو اثنين، ويروعك المشهد حين تلقي نظرة على أولئك الشيوخ الكبار في السن وهم يحملون بندقياتهم على اقدامهم ويتواصون بالصبر والثبات، كل أسرة تفتخر أنها قدمت شهيدا، شيء يعجز اللسان عن وصفه.
لحظات تجعل الإنسان يتمنى أن ينال الشهادة في ذلك الموكب المليء بالزغاريد والدموع والكبرياء والشموخ.
إنها صعدة.. قبلة الثائرين والأحرار، صعدة التي شهداؤها بالآلاف والعشرات والمئات ومن خيرة الرجال علي وجه الأرض، لكنهم لا يتذمرون ولا يعرفون طعم الاستسلام والخضوع.
مما جعل الكثير من أبناء هذا الوطن يفخرون بصعدة وأبنائها الشجعان ويحيون صمودهم واستبسالهم.
صعدة.. تلك الأنقاض وتلك البيوت المهدمة تلك المحافظة المنكوبة لن تشبع من سرد تفاصيلها ولن تنام من الوجع حين تمر بيتيم أو أرملة أو شيخ زاهد يرتل دعوات النصر والتمكين لأبطال الجيش واللجان، فتقف محتاراً هل تبكي من هول المشهد أم تقف لتحيي صمود أبطالها وشموخ أبنائها الشرفاء.
إذا كنت لا تعرف ساستها ولا قادتها المخلصين انظر إلى الشهيد الرئيس الصماد نموذج ؛كيف بكى عليه العدو قبل الصديق، كيف استطاع أن يكسب الجميع بعلمه وزهده وصبره وإخلاصه وكسب محبتهم وقلوبهم، فهذا هو القدوة والنموذج الذي يمثلهم كما قال السيد عبدالملك بدر الدين وكما قال كل الرجال الشرفاء في هذا الوطن هم صالح الصماد.
طريقهم هو النور المنبعث في أوساط العتمة، هو الأمل المرتقب للأمة جمعاء ما يدعون إليه ليس بجديد هو فقط الاستقامة والعدل ومحاربة الظلم والحكم بما أنزل الله وكل نموذج سيئ لا يمثلهم ولا يشرفهم، كل متسلط ليس منهم وأن حاول الالتصاق بهم وبينهم تميز الطيب من الخبيث.
انظروا إلى انطلاقاتهم، إلى بدايتهم، كيف كانوا وكيف أصبحوا، كل عاقل يتساءل: أي صبر يمتلك هؤلاء، أي استراتيجية يعتمدون عليها، انطلقوا كالسهم من القوس وهاهم في مقدمة الصفوف في معركة الكرامة والعزة والشموخ ومازالوا متماسكين للعام الرابع منذ بدء العدوان ومحافظين على هيكل الدولة والبناء المؤسسي رغم ما يواجهه الوطن من أعتى الأسلحة وأقوى الأنظمة والجيوش، ها هو الجيش اليمني كل يوم يكشف عن سلاح جديد أو مطور يذهل الأعداء بتطوير إمكانياته وقدراته العسكرية.
إنها صعدة.. الأمل القادم، صوت الحرية المنشود، سنابل القمح والذرة وشتلات الرمان الخازمي والعنب الشهي، سلات الخيار والطماطم، بساتين التنوع بالفاكهة والخضرة؛ صعدة الرجال القادمون من رحم المعاناة ومن كوكب الألم ؛الصقور الحميرية الكاسرة والأسود الضارية الحامية لجغرافية وخريطة وطن اسمه “اليمن” يمن البأس الشديد والحكمة اليمانية.

اخبار 24

شاهد أيضاً

الفساد.. والإرادة السياسية (7)

أحمد يحيى الديلمي الفساد في مجال القضاء (ب) كان الشهيد المرحوم ابراهيم محمد الحمدي أول ...