2024/04/20 8:59:28 صباحًا
الرئيسية >> تيارات >> سعيد تحت القصف

سعيد تحت القصف

في ليلة من ليالي العاصفة الهمجية ، لم يذق ” سعيد ” طعم النوم . بعد الفجر ، شعر بالحاجة إلى هواء صنعاني طري بارد . ترك سريره  وصعد سلم الأدوار الأربعة حتى سقف العمارة . أستقام في باب السقف يتأمل نقم وعيبان بعد ليلة ساخنة من القصف . كانا شامخان كأن شيئ لم يكن .

عاد ببصره نحو السقف  ، شاف ” راجع ” قد نبش حفرة وغطس فيها ، ماعاد يظهر منه إلا قفاه ..

يقترب سعيد ، ثم يتراجع . يمد يَدُه ويردها ..

راح جاب عصا ، وزاد طَوَّلها بسيخ ، لتأمين المسافة .

ومن بعيد، بدأ ينخُش الراجع . دلا دلا ، وقلبه يدق ، ونفسه يتقطع ..

مافيش فائدة ..

جلس يفكر في الحل .. ونكع من راسه السؤال : كيف ما قرح ” الراجع ” لما نزل مُهري من السماء على راسه ، وفعل هذه الحفرة بالخرسانة .؟؟؟

وجد الجواب في السؤال ، فضحك من حذاقته ، وقام ينبش الراجع بيده وهو آآآمن مطمئن .

أخرج الراجع من حفرته  ، كانت ” ذخيرة رشاش متوسط عياري مدري كم ” ساقع نمس ، ورأسها قده ملكود لكد .

عاد ” سعيد ” بالراجع إلى شقته كمن يحمل صيدا نادرا . ركزه في مكان بارز برف المكتبة ، ودخل ينام في غرفته .

رقد سعيد مطمئنا ، لكن ” فوبيا الراجع ” التي خلعها سعيد ، تلبست زوجته وبناته اللاتي تعاملن مع الغرفة كمنطقة عسكرية مغلقة ، أو حقل ألغام يحظر دخوله . ولم يهدأن إلا حين عاد ” على سعيد ” وأخذ يقلب الراجع أمامهن بأمان .

***

بعد أشهر من قصة الراجع ، كان سعيد على موعد مع قصة مشابهة ، لكنها هذه المرة داخل الشقة . كان سعيد خارجا من غرفة الجلوس ، الوقت بعد الفجر أيضا ، وإضاءة الطاقة الشمسية في النزع الأخير .

لمح سعيد جسم معدني أسود غريب على السجاد  . أخذه بيده ، .وبسرعة دربه ، وقفز مترين مثل المقروص من حنش . كانت علبة صلب إسطوانية  مخرمة ، بحجم ووزن الراجع حق السقف ، وداخلها شي صلب يتحرك ، أو يتقلقل ، اذا مالت أو تحركت . تخيل له أنه صاعق .

 

كان يشتي يصحي ” على سعيد ” من النوم ليقل له ما هو هذا الأسود الزوبة ؟. لكنه يتردد .

” علي سعيد ” شاطر ومحنك ، بس نومه ثقيل وخصوصا لما يكون سهران من قبل.

ويحاكي سعيد نفسه : إذا كان جلست اصحيه ربع ساعة من شان يقوم يتسحر ، كم يحتاج الآن ؟. ولو قام ، شجلس يفحس عيونه دقائق ، وبعدين ، إحتمال يقعي ويضحك علي . ومش بعيد يحسبنا جبان خواف مرجف .

لازم أحلها بنفسي .. وقف سعيد يتفرج الجسم الغريب من بعيد .. ثم تذكر أنه في البيت ، وليس في جبهات المواجهة ، أوفي الخارج حيث القنابل العنقودية التي تلقيها العاصفة الهوجاء في الشوارع والمزارع وكل مكان .

ضحك على حذاقته  ، وأقترب من ذلك الشيئ ، وراح يتفحصه في يده بشيئ من الإطمئنان . شاف أن لها غطاء مشابه لـ ” حُقة البردقان ” .

بسم الله .. وبدأ يلف الغطاء ،  دلا دلا .. لكن الغطاء كان حازق ، والإحتكاك حق الصدأ يعمل أصوات تخلي سعيد يقشبب .

كان لازم الإستعانة باثنين أو ثلاثة زوامل .. شغل سعيد ذاكرته  :

ـ  سرينا ليل والكاشف أتاريك ..

ـ سمرت انا القاذف على عظم الكتف ..

ـ توكلنا على الله بالبلاجيك …

ثم لف الغطاء ونزعه . أفرغ محتويات الكبسولة أو القصعة بحذر ، ليكتشف انها علبة لحفظ ادوات تنظيف او خدمة الكلاشنكوف .. وسامحك الله يا علي سعيد.

عباس السيد .. aassayed@gmail.com

اخبار 24

شاهد أيضاً

الفساد.. والإرادة السياسية (7)

أحمد يحيى الديلمي الفساد في مجال القضاء (ب) كان الشهيد المرحوم ابراهيم محمد الحمدي أول ...