2024/03/28 4:54:05 مساءً
الرئيسية >> الأخبار >> اليمن >> ماهي شروط ومقتضيات التوصل إلى السلام في اليمن ؟

ماهي شروط ومقتضيات التوصل إلى السلام في اليمن ؟

  • تؤكد الوقائع الميدانية أن سائر الفاعلين في الأزمة اليمنية يواجهون حالة إنهاك شديدة تدفعها إلى البحث عن فرصة لالتقاط الانفاس والتخفيف من أثقال الحرب مادياً ومعنوياً, وأن دول تحالف العدوان السعودي تبحث عن مخرج، كما تؤشر إلى دعم المجتمع الدولي لوقف نزيف الدم والحد من تداعيات الأزمة الانسانية التي خلفها العدوان، غير أن الوصول إلى سلام يفترض مشروعا واضحا ومحددا ومبينا لشروط السلام ومقتضياته بين الأطراف.

يمكن الخروج باليمن من دوامة الصراع الدامي إلى سلام ممكن ومتاح إذا وإذا فقط توفرت إرادة سياسية صادقة لدى جميع قوى الصراع العنيف في الداخل, ودعم واسناد لهذا التوجه من كل القوى المنخرطة في الأزمة اليمنية من الخارج, وهذا ما يغيب عن اللحظة الراهنة لمفاوضات التسوية السياسية الجارية في الكويت, وإن مثل رغبة جامعة لكل قوى الحرب في الداخل والخارج, وعلى التوجه العام للقوى الكبرى على الساحة الدولية.

تقول الوقائع الميدانية إن القوى المتحاربة تواجه حالة إنهاك شديدة تدفعها إلى البحث عن فرصة لالتقاط أنفاسها والتخفيف عن أثقال الحرب التي هدت قواها وأحكمت عليها الخناق مادياً ومعنوياً, وأن قوى تحالف العدوان العسكري بقيادة السعودية تعاني مثلها وتبحث عن مخرج لها من دوامة الارهاق والانهاك, وأن القوى الكبرى في المجتمع الدولي قد استشعرت هذه الحالة وأدركت معها ضخامة المأساة الانسانية التي يعيشها الشعب اليمني, وحاجته الملحة إلى إنقاذ عاجل له من هلاك محقق إذا استمرت الحرب فيه وعليه ولم تصل إلى نهايتها بوقت قريب, وعليه, كانت الكويت محطة البحث عن سبيل إلى السلام في اليمن.

غير أن هذا كله لا يكفي للوصول إلى سلام جزئي أو كلي, ما لم تتحدد الصورة السياسية لهذا السلام في مشروع واضح ومحدد ومبين لشروط السلام ومقتضياته بين الأطراف ولها, والتي من همها القبول المتبادل بينها ببعضها والتوافق على شراكة جامعة لها في المسئولية والمصلحة, والوصول إلى هيئة محايدة تدير مرحلة الانتقال من الحرب إلى السلام وتتوفر لها القدرة على تأمين كل الأطراف, وتنفيذ جميع الالتزامات التي قبلت بها أطراف الصراع وارتضتها سبيلاً لحل الأزمة سليماً ووقف الاقتتال.

تبدأ شروط السلام الممكن في اليمن من التوافق بين قوى الاحتراب, على آلية لنقل القوة المسلحة منها إلى سلطة محايدة, وضامنة لأمن جميع القوى, ويمكن التوصل إلى هذه الصيغة بالتوافق على قبول هيئة محايدة تتشكل من عناصر لم تنخرط في الصراعات أو من ممثلي هذه القوى وبما يضمن عدم استخدام القوة الجديدة خارج الأطر المؤسسية الممثلة للإجماع الوطني والشرعية السياسية والدستورية, وبحيث تعمل هذه الهيئة على بناء نواء مؤسسية لجيش وطني ومؤسسة أمنية خاضعة للدستور وملتزمة بسيادة القانون.

يقتضي العمل بهذا الشرط توفير مقتضيات القبول والالزام به من جميع الأطراف, ومن أهم هذه المقتضيات تشكيل لجنة قضائية تتولى الفصل في الخلافات الممكنة بين أطراف الصراع, وتشرف على تكوين الأطر القانونية لمؤسسات الجيش والأمن, بالإضافة إلى قيامها ببناء القاعدة القانونية والمؤسسية اللازمة لنشأة وتكوين السلطة القضائية المستقلة في النظام العام للدولة اليمنية الجديدة.

ومن مقتضيات هذا الشرط, نشوء هيئة سياسية تتولى مهام الرقابة على الهيئات الانتقالية, وتعمل على مشروع المصالحة الوطنية الشاملة وإعادة بناء المجال السياسي على قيم التسامح والتعدد وتعزيز آلية الصراع السلمي على السلطة من خلال ميثاق شرف سياسي متفق عليه من قبل كل القوى السياسية اليمنية, يجذر قيم وممارسات الديمقراطية داخل هذه القوى وبينها, ويحول دون انزلاقها إلى دوامة العنف من جديد.

ومن المسلم به أن تنشأ مع هذه الهيئات هيئة شعبية تمثل قوة الرأي العام وتجسدها في العمل الشعبي الذي يحافظ على الحل السلمي ويحميه من أي انتكاسة أو فشل, وذلك عبر آليات واضحة في التعامل مع القضايا والتأثير على القوى الفاعلة داخل السلطة الانتقالية وخارجها, ولا بد أن تضم هذه الهيئة ممثلين عن النقابات والاتحادات الإبداعية والمهنية, وتشمل في تكوينها فئات جماهيرية متنوعة وعاملة في كل التجمعات السكانية بكل جغرافيا الدولة الوطنية, على أن تركز على تجذير السلم الأهلي وتنمية الوعي بقيم التعايش والعيش المشترك, وأهمية النظام والقانون, وسلطان العدل والاحسان.

إن هذه الهيئات بحاجة ماسة إلى تواصل فعال فيما بينها ومع جماهير الرأي العام, الأمر الذي يقتضي تشكيل هيئة وطنية تتولى صياغة استراتيجية إعلامية وتشرف على تنفيذها  بكل وسائل الاتصال الجماهيري, التي تعمل بحرية في إطار وطني محكوم بالدستور والقانون, وشروط السلام ومقتضيات التوصل إليه وإقراره في الدولة والمجتمع وبين كل القوى والجماعات, بعيداً عن خطاب العداوة والكراهية والتحريض على العنف والحروب, ولعله من الحق أن نقول هنا, إن هذا الشرط ومقتضياته مفروض بأساس العنف في الصراع السياسي وذلك من باب القبول بالصراع على السلطة إطلاقاً ثم التوافق على إدارة هذا الصراع وحسمه سلمياً, وبطرق ضامنة حقوق الجميع, وملتزمة بتحقيقها بالعدل والاحسان وإجمالاً, إذا صدق كل طرف في سعيه إلى السلام فإنه سيعمل على ضمان أن يكون هذا السلام منه وله, بعيداً عن مخاوفه من الخصم وتربصه بالخصم, فالسلام من الجميع للجميع وبالجميع.

عبدالله الدهمشي

albadeel.c@gmail.com

 

اخبار 24

شاهد أيضاً

الهيئة العامة للزكاة تدشن مشروع السلال الغذائية النقدية لـ 6 آلاف جريح بقيمة 150 مليون

المستقبل نت: دشنت الهيئة العامة للزكاة الخميس بصنعاء، بالتنسيق مع مؤسسة الجرحى، مشروع توزيع السلال ...