المستقبل نت عينك الثالثة على الحدث
مقالات مشابهة
- في سوق الخميس .. رماد الغارات السعودية طمر التراب والجثث والبضائع
- تم التعرف على 97 جثة حتى الليل .. والبحث جار عن مفقودين وبعض الجثث تفحمت وجمعت اشلاء
ثلاثاء اسود برائحة رماد الصواريخ كان كارثيا بمديرية مستبأ بمحافظة حجة اليمنية الحدودية.. هنا امضت عشرات العائلات ساعات الليل على وقع بكاء وألم لضحايا مدنيين قضوا في مجزرة جماعية مروعة خلفتها غارتين لطائرات تحالف العدوان السعودي استهدفت سوقا شعبية هو من اكثر الاسواق ارتيادا في مديريات هذه المحافظة المنكوبة واسفرت عن مقتل 107 مدنيين هم حصيلة من تم التعرف على هويتهم حتى الآن في حين لم يتسن التعرف على جثث واشلاء ضحايا آخرين فضلا عن عشرات الجرحى.
الضابط المناوب في غرفة العمليات المشتركة التابعة للجيش واللجان الشعبية بمحافظة حجة بدا الليلة غارقا في تفاصيل هذا الكابوس.. تحدث إلى “المستقبل” بنبرة حزينة، لم يعط اجابة على كثير من الاسئلة ” لازلنا عند احصاء الضحايا المدنيين وجهود التعرف على الجثث المحترقة والمتفحمة وتسليم من تم التعرف عليهم إلى الأهالي ومتابعة اوضاع الجرحى المصابين في مستشفيات مديريات محافظة حجة وآخرين نقلوا إلى محافظات مجاورة نتيجة حالتهم الصحية الحرجة”.
اكتفى الضابط المناوب بالحديث عن آخر بيانات غرفة العمليات المشتركة والتي اشارت إلى تمكن الأهالي والسلطة المحلية من التعرف على جثث 97 شهيدا في حين أن نيران الغارات التهمت بشكل كامل 10 جثث تفحمت ولم يتم التعرف عليها فضلا عن اشلاء لجثث جمعت بعدما تناثرت في الارجاء وحتى اماكن بعيدة وهؤلاء لم يتم التعرف على هويتهم حتى الآن”.
يؤكد السكان أن الغارة انتجت هالة ساخنة وكتلا نارية وصلت آثارها إلى أماكن بعيدة محيطة بالسوق.
سوق الخميس هو اسم مركز مديرية مستبأ واطلق الاسم كذلك على سوقها الرئيسية الذي صار منذ شهور يستقطب اكثر سكان المديرية والمناطق المجاورة لقضاء احتياجاتهم الضرورية اليومية.
وفقا لروايات شهود عيان تحدثوا إلى “المستقبل” فقد حلقت في ساعة الظهيرة الطائرة التابعة للتحالف السعودي فوق مركز المديرية لدقائق ثم شنت الغارة الأولى مستهدفة وسط السوق فحولته في دقائق إلى خراب ، تلاها غارة اخرى دمرت مطعما بداخل السوق كان مكتظا بالرواد لتعود ادراجها بعدما حولت هذه المساحة الصغيرة الحية إلى بقعا سوداء شكلت تفاصيل مجزرة مريعة وخلفت دمارا هائلا في السوق خصوصا وان اكثر محالة مبنية من الخشب والطين والطوب والقش وكلها كانت قد تحولت كتلا متفحمة وحتى ليل مساء اليوم الثلاثاء كانت اعمال انتشال وجمع جثث واشلاء الضحايا مستمرة.
ويؤكد وجهاء ومواطنون أنه لم يكن في هذا السوق أي قوات عسكرية ولا حتى دوريات راجلة فما من قوات عسكرية تستطيع التجمع في منطقة حرب امطرتها طائرات التحالف السعودي بآلاف الغارات الوحشية منذ 12 شهرا.
هرع متطوعون لاسعاف الضحايا لكن اكثرهم توفوا نتجية الاصابات الخطيرة وشح الخدمات الاسعافية
في ليل هذا الثلاثاء بكت مديرية مستبأ بصورة جماعية وبحسب سكان ووجهاء تحدث اليهم “المستقبل” ” لم يكن هناك بيت في مستبأ إلا ولديهم في هذه المجزرة شهيد أو جريح “. وطبقا لسكان ومسؤولين محليين فإن اكثر الضحايا كانوا من الأولاد و الأطفال والشباب الذين ينشطون في بيع البضائع في اطار اقتصاد الرصيف.
وقياسا بمن تم التعرف على جثثهم فان الامر بدا بالنسبة لعائلات كثيرة كان قاسيا ومؤلما فهؤلاء فقدوا ابناءهم أو عائلهم لكنهم لم يتيقنوا تماما من موت اقربائهم خصوصا وأن بعض جثث الضحايا تفحمت كليا أو تناثرت اشلاء.
يلفت سكان تحدث اليهم المستقبل” إن الصاروخ الذي اطلق على هذا السوق لم يكن من نوعية الصواريخ المعروفة فحجم الخراب الذي خلفه في السواق وعدد الضحايا يشير إلى استخدام الطائرات السعودية المغيرة قنابل ذات اثر تدميري واسع.
الهالة النارية الناتجة عن الغارة تسببت في احتراق ملابس الضحايا وجلودهم الخارجية ولذلك ظهرت اكثر الجثث ممزقة الملابس وعليها آثار حروق كبيرة فيما تناثرت جثث بعض الضحايا الذين كانوا في بؤرة القصف اشلاء متفحمة.
عدد كبير من الضحايا كانوا اولادا واطفالا وبينهم امرأتين وبعض هؤلاء كانوا من المتسولين
على امتداد السوق بدت المحال التجارية والجثث التي تطايرت منها وكأنها خارجة للتو من وقع انفجار نووي إذ لم تصمد من المحال سوى اعمدة خرسانية قليلة فيما تلاشت بقيتها تحت تأثير نيران القنابل التي اطلقتها الطائرة المغيرة وطمر الرماد الناتج عن الغارة بضائعها تماما كما طمر عشرات الجثث.
بين حطام المحال واشلاء الضحايا تناثرت الجثث في ارجاء السوق كما تناثرت كميات كبييرة من البضائع
اضافة إلى تواضع الخدمات الصحية المتوفرة في محافظة حجة والتي تدهورةت بصورة مريعة جراء الحصار الذي يفرضه تحالف العدوان السعودي على اليمن منذ حوالي سنة، كانت النتائج المريعة لهذه الغارة ثقيلة على المركز الصحي الحكومي الذي يقدم خدمات بسيطة لسكان هذه المديرية ما دعا المسؤولين إلى توجيه نداء استغاثة لوزارة الصحة وسائر مكاتبها في المحافظات لتوجيه طواقم طبية وأدوية وادوات اسعاف عاجلة إلى المركز الصحي والعيادات الخاصة في مديرية مستباء وإلى مستشفى عبس حيث بعدما اكتظت بالضحايا المدنيين.
ساهمت فرق الهلال الاحمر اليمني واطباء بلا حدود في اسعاف العشرات وبعضهم نقلوا إلى مستشفيات في محافظة الحديدة الساحلية المجاورة لتقلي العلاج بسبب حالتهم الصحية الحرجة كما تم جمع قطع كثيرة من اشلاء ضحايا تناثرت جثثهم في المكان.
بعد ساعات من وقوع المجزرة في هذا السوق كانت وسائل الاعلام العربية والدولية تنقل تصريحات للناطق الرسمي لقوات التحالف متسشار وزير الدفاع السعودي العميد احمد عسيري اكد فيها أن الهدنة في المناطق الحدودية مستمرة ومؤكدة.. فيما قالت وسائل اعلامية مساندة، أن الغارات استهدفت وكرا للحوثيين ومنصات صواريخ.
لكن سكانا ووجهاء اكدوا لـ”المستقبل” إن السوق كان خاليا من أي مظاهر مسلحة ساعة الغارات، كما ان السلطات المحلية قدمت ادلة مؤكدة على ان اكثر الضحايا كانوا مدنيين “تجار وتلاميذ ومواطنيين وباعة ورعاة مواشي ومتسولين”.. لم يكن بينهم مقاتلين أو جنود.
رئيس التحرير
