2024/03/28 8:48:32 مساءً
الرئيسية >> تيارات >> ثلاث قضايا عاجلة …

ثلاث قضايا عاجلة …

مأة عام من الحروب بين الكنسية ودعاة الدولة المدنية طحنت فيها أوربا طحنا. تغيرت فيها الخرائط، ظهرت دولا وغابت أخرى. لكن اوروبا كسبت الحرب وخرجت بالدولة المدنية العلمانية التي تضمن حق المواطن في الحرية والمواطنة المتساوية.

لقد تم تحييد الكنيسة عن السياسة والمدرسة، وأصبح الدين شأن خاص يرجع لضمير الفرد وليس لرجل الدين أي سلطة على أحد. والمرجعية هي للمؤسسات المجتمعية التي يصنعها المواطن بإرادته الحرة عبر الصندوق النزيه والشفافية. حلت أوربا مسألة السلطة والدين والثروة وإلى الأبد.

اليوم نحن في الشرق نخوض حروب تحت مسميات دينية ويقتل الناس تحت شعار الله أكبر، والدين والله العلي القدير براء من هذه القوى وهذه الشعارات.

القضايا نفسها التي طحنت اوروبا تحسنا اليوم في الشرق؛ السلطة والثروة والدين ، والاشكالية هل ستخرجنا هذه الحروب إلى حل لهذه القضايا الثلاث؟!

بالتأكيد أن ظروف أوروبا كانت غير ظروف اليوم، لم تكن تلك التعقيدات قد وجدت.

لم يكن هناك تدخلات واملاءات من الخارج كما هو الحال اليوم. المسلمون منذ بداية تأسيس الدين والدولة لم يستطيعوا حسم قضايا السلطة والدين والثروة. وخاصة بعد أن تم الانقلاب على الإسلام وسيطرة قوى الاستبداد الجاهلي على الحكم. وزاد الطين بلة أن المستبد أخضع الدين لصالح الاستبداد واعتبر نفسه ظل الله في الارص، وما عليها ، أي الأرض هو مالك يمينه يتصرف به كيف شاء.. يعطي ويمنع وهو على كل شيئ قدير، وكل البشر عبيد له خلقوا من أجله.

إن أشد أنواع الاستبداد هو الاستبداد الديني _ كما يقول الكواكبي _ لأنه يحكم باسم الله ويدعي القداسة والتنريه.

هذه الحروب الطاحنة الممتدة منذ ما بعد السقيفة تعبر عن اختلال أصاب الأمة، وهي كالبركان تخمد ولا تنطفي لتعود ثانية للاشتعال.

لقد سفكت دماء واهدرت إمكانيات بفعل تكرار هذه الحروب.

أعتقد أنه كان بالإمكان تلافي هذه الحروب لولا التدخل الأجنبي الذي يفعل فعله في أوساط شعوب الأمة.

لقد شقت البشرية المتحضرة طرقا للتطور كان بالإمكان دراسة تجاربها والاستفادة منها بعيدا عن هذه الحروب التي لن تخرج الحل كما حدث في اروبا.

إن الاختلالات والأزمات التي لم تجد لها حلولا هي التي تدفع إلى الحروب، ويظن أصحابها انهم كاسبون.

هذه الحروب ربما تكون حروب الانتقال اذا حولت قوى حداثية خيَرة نتاج هذه الحروب لصالح الأمة.

خلاصة القول أنه بدون إيجاد حلول لقضايا السلطة والثروة والدين فإن دورات الحروب والعنف سوف تتكرر من جيل إلى جيل مهددة الأمة بالانقراض وضياع السلطة والثروة والدين والوطن والجغرافيا، ومن لا وطن له لا دين له.

 

اخبار 24

شاهد أيضاً

الفساد.. والإرادة السياسية (7)

أحمد يحيى الديلمي الفساد في مجال القضاء (ب) كان الشهيد المرحوم ابراهيم محمد الحمدي أول ...